للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كتاب آفات اللسان]

آفاته كثيرة ومتنوعة، ولها في القلب حلاوة، ولها بواعث من الطبع، ولا نجاة من خطرها إلا بالصمت، فلنذكر أولاً فضيلة الصمت، ثم نتبعه الآفات مفصلة إن شاء الله تعالى.

اعلم: أن الصمت يجمع الهمة ويفرغ الفكر.

وفى الحديث، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من يضمن لى ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة".

وفى حديث آخر: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه" (١).

وفى حديث معاذ في آخره: "كف عليك هذا" فقلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم، ألا حصائد ألسنتهم؟ ".

وفى حديث آخر: "من كف لسانه ستر الله عورته" (٢). وقال ابن مسعود: ما شيء أحوج إلى طول سجن من لساني.

وقال أبو الدرداء: أنصف أذنيك من فيك، فإنما جعلت لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تتكلم به.

وقال مخلد بن الحسين: ما تكلمت منذ خمسين سنة بكلمة أريد أن أعتذر منها.

[١ ـ ذكر آفات الكلام]

الآفة الأولى: الكلام فيما لا يعنى.

واعلم: أن من عرف قدر زمانه، وأنه رأس ماله، لم ينفقه إلا في فائدة، وهذه


(١) أخرجه ابن أبى الدنيا في "الصمت" من حديث أنس، وفى سنده على بن مسعدة، قال البخاري: فيه نظر، وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة.
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" من حديث ابن عمر، وفيه هشام بن أبي إبراهيم قال الذهبي في "الميزان": مجهول، وباقي رجاله ثقات، ومع ذلك فقد حسن إسناده العراقي.

<<  <   >  >>