وفي الحديث الصحيح:"لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله".
وروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على رجل وهو يموت فقال:"كيف تجدك؟ " قال: أرجو الله وأخاف ذنوبي. فقال:"ما اجتمعا في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله الذي يرجو، وأمنه من الذي يخاف".
والرجاء عند الموت أفضل، لأن الخوف سوط يساق به، وعند الموت يقف البصر، فينبغي أن يتلطف به، ولأن الشيطان يأتي حينئذ يسخط العبد على الله فيما يجرى عليه، ويخوفه فيما بين يديه، فحسن الظن أقوى سلاح يدفع به العدو.
وقال سليمان التيمى لابنه عند الموت: يا بني! حدثني بالرخص، لعلي ألقى الله تعالى وأنا أحسن الظن به.
[٢٣ ـ باب ذكر وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدين رضى الله عنهم]
اعلم: أن في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة في كل أحواله، ومعلوم أنه ليس في المخلوقين أحد أحب إلى الله تعالى منه، ولم يؤخره الله تعالى حين انقضى أجله.
وقد لقي صلى الله عليه وآله وسلم من الموت شدة، فروى البخاري في "صحيحه" من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركوة أو علبة فيه ماء، فجعل يدخل يده في الماء، فيمسح بها وجهه ويقول:"لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات".
وفى "صحيح البخاري" من حديث أنس رضي الله عنه قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه! فقال لها: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم".
وروى ابن مسعود قال: اجتمعنا في بيت أمنا عائشة رضي الله عنها، فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدمعت عيناه، فنعى إلينا نفسه وقال: مرحباً، حياكم الله بالسلام، حفظكم الله، ورعاكم الله، جمعكم الله، نصركم الله، وفقكم