للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوبة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله يقبل التوبة من العبد مالم يغرغر".

وقد روى أن الملكين الموكلين بالعبد يتراءيان له عند الموت، فإن كان صالحاً أثنيا عليه، وقالا: جزاك الله خيراً، وإن كان صحبهما بشر، قالا: لا جزاك الله خيرا (١).

عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله عز وجل وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله، فإذا مات قالا: قد مات، أتأذن لنا أن تصعد إلى السماء؟ قال: فيقول الله تعالى: إن سمائي مملؤة من ملائكتي يسبحوني. فيقولون: فتأذن لنا فنقيم في الأرض؟ فيقول الله تعالى: إن أرضى مملوءة من خلقي، يسبحوني. فيقولان: فأين تقيم؟ فيقول: قوما على قبر عبدى، فسبحاني واحمداني وكبراني وهللاني، واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة".

وفى "الصحيحين" من حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شىء أحب إليه مما أمامه، وأما صاحب النار الذي ختم له بسوء فهو يبشر بها وهو في تلك الأهوال".

وقد كان كثير من السلف يخافون سوء الخاتمة، وقد ذكر ذلك في كتاب الخوف، وهو لائق بهذا المكان، نسأل الله أن يرحمنا برحمته التي وسعت كل شىء، وأن يلطف بنا، وأن يختم لنا بخير إنه جواد كريم.

وأما ما يستحب من الأحوال عند المحتضر، فأن يكون قلبه يحسن الظن بالله تعالى، ولسانه ينطق بالشهادة، والسكون من علامات اللطف، وهو أمارة على أنه قد رأى الخير، وقد روى أن روح المؤمن تخرج رشحاً. ويستحب تلقينه: لا إله إلا الله، كما جاء في الحديث الصحيح من رواية مسلم: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله".

وينبغى للملقن أن يرفق به، ولا يلح عليه. وقد جاء في حديث آخر: "احضروا موتاكم، ولقنوهم لا إله إلا الله، وبشروهم بالجنة، فإن الحليم العليم من الرجال والنساء يتحير عند ذلك المصرع، وإن إبليس عدو الله أقرب ما يكون من العبد في ذلك الموطن" (٢). وذكر الحديث إلى آخره.


(١) أخرجه ابن أبى الدنيا عن وهيب بن الورد بلاغاً.
(٢) ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية".

<<  <   >  >>