الموعظة، فإن عدمت تأثيرها، فابكي على ما أصبت به فمستقى الدمع من بحر الرحمة.
...
[١٦ ـ باب التفكر]
قد أمر الله سبحانه بالتفكر والتدبر في كتاب العزيز، وأثنى على المتفكرين بقوله:{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا}[آل عمران: ١٩١] وقال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الرعد: ٣].
وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله"(١).
قال أبو الدرداء رضى الله عنه: تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وقال وهب بن منبه: ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم، وما فهم إلا علم، وما علم إلا عمل.
وقال بشر الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى لما عصوه.
وقال الفريابى في قوله تعالى:{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}[الأعراف: ١٤٧]، قال: أمنع قلوبهم من التفكر في أمري.
وكان داود الطائى على سطح في ليلة قمراء، فتفكر في ملكوت السموات والأرض، فوقع في دار جار له، فوثب عرياناً وبيده السيف، فلما رآه قال: يا داود، ما الذي ألقاك؟ قال: ما شعرت بذلك.
وقال يوسف بن أسباط: إن الدنيا لم تخلق لينظر إليها، بل لينظر بها إلى الآخرة. وكان سفيان من شدة تفكره يبول الدم.
وقال أبو بكر الكتاني. روعة عند انتباهة من غفلة، وانقطاع عن حظ نفساني، وارتعاد من خوف قطيعة، أفضل من عبادة الثقلين.
(١) أخرجه الطبرانى في "الأوسط" والبيهقى في "الشعب" وابن أبى الدنيا في "التفكير"، وأبو الشيخ في "العظمة" وفى سنده الوزاع بن نافع، قال النسائي: متروك، وقد أورد الذهبى هذا الحديث من منكراته، وانظر شرح الإحياء: ١٠/ ١٦٢.