كما حجب عبادك عما جعلت في يديه من الدنيا.
وقال بعض الحكماء: من كان بخيلاً ورث ماله عدوه.
ووصف أعرابي رجلاً فقال: لقد صغر في عيني لعظم الدنيا في عينه.
وذم أعرابي قوماً فقال: يصومون عن المعروف ويفطرون على الفواحش.
من حكايات البخلاء:
روى عن ابن عباس رضى الله عنه قال: كان الحاجب رجلاً من أجل العرب، وكان بخيلاً، وكان لا يوقد ناراً بليل كراهة أن يراها راء فينتفع بضوئها، فإذا احتاج إلى إيقادها فأوقد ثم بصر بمستضيئ بها أطفأها.
وقيل: كان مروان بن أبى حفصة من أبخل الناس، فخرج يريد المهدى، فقالت له امرأته: مالي عليك إن رجعت بالجائزة؟
قال: إن أعطيت مائة ألف درهم، أعطيتك درهماً، فأعطى ستين ألف درهم. فأعطاها أربعة دوانق.
وقيل: كان بعض البخلاء موسراً كثير الأموال، وكان ينظر في دقائق الأشياء فاشترى شيئاً من الحوائج، ودعا حمالاً وقال: بكم تحمل هذه الحوائج؟ قال: بحبة: قال: أبخس. قال ما أقل من حبة؟ لا أدرى ما أقول. قال: نشترى بالحبة جزراً، فنجلس جميعاً فنأكله.
[١٥ ـ فصل في فضل الإيثار وبيانه]
اعلم أن السخاء والبخل درجات:
فأرفع درجات السخاء الإيثار، وهو أن تجود بالمال مع الحاجة إليه.
وأشد درجات البخل، أن يبخل الإنسان على نفسه مع الحاجة، فكم من بخيل يمسك المال، ويمرض فلا يتداوى، ويشتهى الشهوة فيمنعه منها البخل.
فكم بين من يبخل على نفسه مع الحاجة، وبين ما يؤثر على نفسه مع الحاجة، فالأخلاق عطايا يضعها الله عز وجل حيث يشاء.
وليس بعد الإيثار درجة في السخاء. وقد أثنى الله تعالى على أصحاب رسول الله