المصنوعة من الطين ونحوه، ولا يجوز بيع ما لا يقدر على تسليمه حِساً ولا شرعاً، وأما الحِسُ فكالطير فى الهواء، والعبد الآبق ونحوهما، وأما الشرع فكالمرهون، وبيع الأم دون الولد الصغير، أو الولد دون الأم، فهذا ممنوع تسليمه شرعاً.
الركن الثالث: اللفظ، وهو الإيجاب والقبول، فان تقدم القبول للإيجاب لم يصح فى إحدى الروايتين، ويصح فى الأخرى، سواء كان بلفظ الماضي أو بلفظ الطلب، فان تبايعا بالمعاطاة، فظاهر كلام أحمد صحة البيع.
وقال القاضي أبو يعلى: لا يصح ذلك إلا فى الأشياء اليسيرة، وهذا أصلح الأقوال، أعنى أن تكون المعاطاة فى الأشياء المْحَقرة دون النفيسة، لجريان العادات بذلك، وينبغى من طريق الورع أن لا يترك الإيجاب والقبول ليخرج عن شبهة الخلاف، وقد شدد الله تعالى فى أمر الربا، فينبغي أن يحذر من الوقوع فيه، وهو قسمان: ربا الفضل، وربا النسيئة، فينبغي أن يعرف ذلك وما يجرى فيه الربا، ويحتاج أيضاً أن يعرف شروط السلم، والإجارة والمضاربة، والشركة، فان المكاسب لا تنفك عن هذه العقود المذكورة.
[٢ ـ فصل في العدل واجتناب الظلم في المعاملة]
الأمر الثاني: وهو العدل، واجتناب الظلم فى المعاملة، ونعنى بالظلم ما يتضرر به الغير، وهو ينقسم إلى ما يعم ضرره وما يخص.
الأول: الاحتكار، وهو منهي عنه لما فيه من غلاء السعر وتضييق الأقوات على الناس.
وصفته: أن يستكثر من ابتياع الغلات فى الغلاء، ويتربص بها زيادة الأسعار، فأما إذا دخلت له غلة من ضيعته وحبسها، فليس محتكراً، وكذلك إذا كان الشراء فى حال الاتساع والرخص على صفة لا يضيق على الناس، وفى الجملة تكره التجارة فى القوت، لأنه قوام الآدمي.
القسم الثاني: ما يخص ضرره، نحو أن يثنى على السلعة بما ليس فيها، أو يكتم بعض عيوبها فيضر بذلك المشترى. وقد قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم:"من غشنا ليس منا"(١).
(١) وأخرجه مسلم في "صحيحه" أيضاً (١٠٢) بلفظ "من غش ليس مني".