للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما عرف إبليس قدر الشكر في الطعن على بنى آدم: {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: ١٧].

وروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم قام حتى تفطرت قدماه، فقالت عائشة رضى الله عنها: أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: "أفلا أكون عبداً شاكراً".

وعن معاذ رضى الله عنه قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم: "إنى أحبك فقل: اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".

[٥ ـ فصل [في كون الشكر بالقلب واللسان والجوارح]]

والشكر يكون بالقلب، واللسان، والجوارح.

أما بالقلب، فهو إظهار الشكر لله بالتحميد.

وأما بالجوارح، فهو استعمال نعم الله في طاعته، والتوقى من الاستعانة بها على معصيته، فمن شكر العينين أن تستر كل عيب تراه لمسلم، ومن شكر الأذنين أن تستر كل عيب تسمعه، فهذا يدخل في جملة شكر هذه الأعضاء.

والشكر باللسان: إظهار الرضى عن الله تعالى، وهو مأمور به. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "التحدث بالنعم شكر، وتركها كفر" (١).

وروى أن رجلين من الأنصار التقيا، فقال أحدهما لصاحبه: كيف أصبحت؟ فقال: الحمد لله. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "قولوا هكذا".

وروى أن رجلاً سلم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فرد عليه، ثم قال له عمر: كيف أصبحت؟ قال: أحمد الله، فقال عمر: ذاك الذي أرادت.

وقد كان السلف يتساءلون، ومرادهم استخراج الشكر لله، فيكون الشاكر مطيعاً، والمستنطق مطيعاً.


(١) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" ٤/ ٢٧٨ من حديث النعمان بن بشير: قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر "من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس، لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب" وسنده حسن.

<<  <   >  >>