للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قيل: إذا أثنى على الرجل معاملوه بى الحضر ورفقاؤه في السفر فلا تشكوا في صلاحه.

وينبغى له أن يودِّع رفقاءه وإخوانه المقيمين، ويلتمس أدعيتهم، ويجعل خروجه بكرة يوم الخميس، وليصل بى منزله ركعتين قبل الخروج منه ويستودع أهله وماله، ويستعمل الأدعية والأذكار والمأثورة عند خورجه من منزله، وفى ركوبه ونزوله، وهى مشهورة صفى كثير من الكتب في مناسك الحج، وكذلك جميع المناسك من الإحرام، والطواف والسعى، والوقوف بعرفة، وغير ذلك من أعمال الحج يأتى فيها بما ذكر من الأذكار والدعوات والآداب، وكل ذلك مستوفى في كتب الفقه وغيرها، فليطلب هناك.

[١ ـ فصل في الآداب الباطنة والإشارة إلى أسرار الحج]

اعلم: أنه لا وصول إلى الله سبحانه وتعالى إلا بالتجرد والانفراد لخدمته، وقد كان الرهبان ينفردون في الجبال طلباً للأنس بالله، فجعل الحج رهبانية لهذه الأمة.

فمن الآداب المذكورة، أن يكون خالياً في حجه من تجارة تشغل قلبه وتفرق همه، ليجتمع على طاعة الله تعالى، وأن يكون أشعث أغبر، رث الهيئة، غير مستكثر من الزينة.

وينبغى أن يتجنب ركوب المحمل إلا من عذر، كمن لا يستمسك على الزاملة (١)

فإن النبى صلى الله عليه وآله وسلم حج على راحلة وتحته رحل رث.

وفى حديث جابر رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن الله عز وجل يباهي بالحاج الملائكة فيقول: انظروا إلى عبادى، أتوني شعثاً غبراً من كل فج عميق، أشهدكم أنى قد غفرت لهم".

وقد شرف الله تعالى بيته وعظمه، ونصبه مقصداً لعباده، وجعل ما حوله حرماً له تفخيماً لأمره، وتعظيماً لشأنه، وجعل عرفة كالميدان على فنائه.

واعلم: أن في كل واحد من أفعال الحج تذكرة للمتذكر، وعبرة للمعتبر.


(١) هو البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع.

<<  <   >  >>