ما يشق عليه، بل يروح سره عن مهماته وحاجاته، ولا يستمد من جاهه ولا ماله، ولا يكلفه التفقد لأحواله والقيام بحقوقه والتواضع له، ويكون قصده بمحبته الله وحده، والتبرك بدعائه، والاستئناس بلقائه، والاستعانة على دينه، والتقرب إلى الله تعالى بالقيام بحقوقه، وتمام التخفيف طى بساط الاحتشام حتى لا يستحى منه فيما لا يستحى فيه من نفسه.
قال جعفر بن محمد: أثقل إخواني عليَّ من يتكلف لي وأتحفظ منه، وأخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي.
وقال بعض الحكماء: من سقطت كلفته دامت ألفته، ومن تمام هذا الأمر أن ترى الفضل من أكون معهم منزلة الخادم.
[٣ ـ فصل [جملة من آداب المعاشرة للخلق]]
ولنذكر في آخر هذا الباب جملة من آداب المعاشرة للخلق:
فمن حسن المعاشرة أن تتوفر من غير كبر، وتتواضع في غير ذلة، وأن تلقى الصديق والعدو بوجه الرضى من غير ذل لهم ولا خوف منهم، وتتحفظ في مجالسك من تشبيك أصابعك، وإدخال إصبعك في أنفك، وكثرة بصاقك، والتثاؤب.
أصغ إلى محدثك، ولا تسأله الإعادة، ولا تحدث بإعجابك بولدك وجاريتك، ولا تتصنع تصنع المرأة في التزيين، ولا تتبذل تبذل العبد.
وخوف أهلك في غير عنف، ولن لهم من غير ضعف.
ولا تهازل أمتك وعبدك، فيسقط وقارك، ولا تكثر الالتفات إلي ورائك.
ولا تجالس السلطان، فإن فعلت فاحذر الذنوب والغيبة، وصن سره، واحذر المداعبة عنده، وتحفظ من الجشاء بحضرته والتخلل، وإن قربك فكن منه على حذر، وإن استرسل إليك فلا تأمن انقلابه عليك، وارفق به رفقك بالصبى، وكلمة بما يشتهيه، ولا تدخل بينه وبين أهله وحشمه.