ومن ذلك: العفو عن الزلات، فإن كانت زلته في دينه فتلطف في نصحه مهما أمكن، ولا تترك زجره ووعظه، فإن أبى فالمصارمة:
الحق الخامس: الدعاء للأخ في حياته وبعد موته بكل ما تدعو به لنفسك.
وفى أفراد مسلم من حديث أبى الدرداء، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما
دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل".
وكان أبو الدرداء رضى الله عنه يدعو لخلق كثير من إخوانه يسميهم بأسمائهم. وكان أحمد بن حنبل رحمه الله يدعو في السحر لستة نفر.
وأما الدعاء بعد الموت، فقال عمرو بن حريث: إذا دعا العبد لأخيه الميت، أتى بها ملك قبره، فقال: يا صاحب القبر الغريب، هذه هدية من أخ عليك شفيق.
الحق السادس: الوفاء والإخلاص، ومعنى الوفاء: الثبات على الحب إلى الموت، وبعد موت الأخ مع أولاده وأصدقائه، وقد أكرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عجوزاً وقال:"إنها كانت تغشانا في أيام خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان".
ومن الوفاء أن لا يتغير على أخيه في التواضع وإن ارتفع شأنه واتسعت ولايته وعظم جاهه.
واعلم: أنه ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الدين، فقد كان الشافعى رحمه الله آخى محمد بن عبد الحكم، وكان يقربه ويقبل عليه، فلما احتضر قيل له: إلى من نجلس بعدك يا أبا عبد الله؟ فاستشرف له محمد بن عبد الحكم وهو عند رأسه ليومئ إليه فقال: إلى أبى يعقوب البويطى، فانكسر لها محمد، ومع أن محمدا كان قد حمل مذهبه، لكن البويطى كان أقرب إلى الزهد والورع، فنصح الشافعى رحمه الله المسلمين وترك المداهنة، فانقلب ابن الحكم عن مذهبه، وصار من أصحاب مالك.
ومن الوفاء أن لا يسمع بلاغات الناس على صديقه، ولا يصادق عدو صديقه.
الحق السابع: التخفيف وترك التكليف [والتكليف](١)، وذلك أن لا يكلف أخاه