وفى الصحيح من رواية الترمذي (١): "إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه".
ومن ذلك أن يدعوه بأحب أسمائه إليه، قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه:
ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليك.
ومن ذلك أن يثنى عليه بما يعرفه من محاسن أحواله عند من يؤثر الثناء عنده، وكذلك الثناء على أولاده وأهله وأفعاله، حتى في خلقه وعقله وهيئته وخطه وتصنيفه وجميع ما يفرح به من غير إفراط ولا كذب.
وكذلك ينبغي أن تبلغه ثناء من أثنى عليه مع إظهار الفرح به، فإن إخفاء ذلك محض الحسد.
ومن ذلك أن تشكره على صنيعه في حقك، وأن تذب عنه في غيبته إذا قصد بسوء، فحق الأخوة التشمير في الحماية والنصرة.
وفى الحديث الصحيح:"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه"، ومتى أهمل الذب عن عرضه يكون قد أسلمه، ولك في ذلك معياران:
أحدهما: أن تقدر أن الذي قيل فيه، قد قيل فيك وهو حاضر، فتقول ما تحب أن يقوله.
الثاني: أن تقدر أنه حاضر وراء جدار يتسمع عليك، فما تحرك في قلبك من نصرته في حضوره ينبغى أن يتحرك في غيبته. ومن لم يكن مخلصاً في إخائه فهو منافق.
ومن ذلك التعليم والنصيحة، فليس حاجة أخيك إلى العلم بأقل من حاجته إلى المال، وإذا كنت غنياً بالعلم فواسه وأرشده.
وينبغى أن يكون نصحك إياه سراً، والفرق بين التوضيح والنصيحة الإعلان والإسرار، كما أن الفرق بين المداراة والمداهنة بالغرض الباعث على الأعضاء، فإن أغضيت لسلامة دينك ولما ترى فيه إصلاح أخيك بالإعضاء، فأنت مدار، وإن أغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن.