أعلم: أن في الصوم خصيصة ليست فى غيره، وهى إضافته إلى الله عز وجل حيث يقول سبحانه (١): "الصوم لى وأنا أجزى به"، وكفى بهذه الإضافة شرفاً، كما شرف البيت بإضافته إليه فى قوله:{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ}[الحج: ٢٦]. وإنما فضل الصوم لمعنيين:
أحدهما: أنه سر وعمل باطن، لا يراه الخلق ولا يدخله رياء.
الثاني: أنه قهر لعدو الله، لأن وسيلة العدو الشهوات، وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب، وما دامت أرض الشهوات مخصبة، فالشياطين يترددون إلى ذلك المرعى، وبترك الشهوات تضيق عليهم المسالك. وفى الصوم أخبار كثيرة تدل على فضله وهى مشهورة.
[١ ـ فصل فى سنن الصوم]
يستحب السحور، وتأخيره، وتعجيل الفطر، وأن يفطر على التمر.
ويستحب الجود في رمضان، وفعل المعروف، وكثرة الصدقة، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ويستحب دراسة القرآن، والاعتكاف فى رمضان: لا سيما فى العشر الأواخر، وزيادة الاجتهاد فيه.
وفى "الصحيحين" من حديث عائشة رضى الله عنها قالت: كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر [يعنى الأخير]، شد مئزره، وأحيا الليل، وأيقظ أهله. وذكر العلماء في معنى شد المئزر وجهين:
أحدهما: أنه الإعراض عن النساء.
الثاني: أنه كناية عن الجد والتشمير فى العمل. قالوا: وكان سبب اجتهاده فى العشر طلب ليلة القدر.