عليها، فيموت ويبقى شره مستطيراً في العالم، فطوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه.
وفى الحديث:"ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ".
فعلى العالم وظيفتان:
إحداهما: ترك الذنب، والثانية: إخفاؤه إذا أتاه.
وكما تتضاعف أوزار العلماء إذا أُتبعوا على الذنوب، كذلك تتضاعف حسناتهم إذا أُتبعوا على الخير.
وينبغى للعالم أن يتوسط في ملبسه ونفقته، وليكن إلى التقلل أميل، فإن الناس ينظرون إليه.
وينبغى له الاحتراز مما يقتدي به فيه، فإنه متى ترخص في الدخول على السلاطين وجمع الحطام، فاقتدى به غيره، كان الإثم عليه، وربما سلم هو في دخوله، ولم يفهموا كيفية سلامته.
وقد رأينا أن ملكاً كان يُكْرِهُ الناس على أكل لحم الخنزير، فجيء برجل عالم، فقال له حاجب الملك: قد ذبحت له جدياً فكل منه، فلما دخل قرب إليه فلم يأكل، فأمر بقتله، فقال له الحاجب: ألم أقل لك إنه جدى، فقال: ومن أين يعلم حالي من يقتدي بى.
[٤ ـ فصل في شروط التوبة]
واعلم: أن التوبة عبارة عن ندم يورث عزماً وقصداً، وذلك الندم يورث العلم بأن تكون المعاصي حائلا بين الإنسان وبين محبوبه.
والندم هو توجع القلب عنده شعوره بفراق المحبوب، وعلامته طول الحزن والبكاء، فإن من استشعر عقوبة نازلة بولده أو من يعزُّ عليه، طال بكاؤه، واشتدت مصيبته، وأي عزيز أعز عليه من نفسه؟ وأي عقوبة أشد من النار؟ وأي سبب أدل على نزول العقوبة من المعاصى؟ وأى خبر أصدق من رسول الله؟ ولو أخبره طبيب أن ولده لا يبرأ من مرضه لاشتد في الحال حزنه، وليس ولده بأعز من نفسه، ولا الطبيب أعلم من