وقد تقدم في كتاب الحلال والحرام درجات الشبهة، وما يجب اجتنابه، وما يستحب.
وأما غرض المعطى، فلا يخلو، إما أن يكون طلباً للمحبة، وهو الهدية، فلا بأس بقبولها إذا لم تكن رشوة ولم يكن فيها منة.
الثاني: أن يكون غرض المعطى الثواب، وهو الزكاة والصدقة، فعليه أن ينظر في صفات نفسه، هل هو مستحق أم لا؟ فان اشتبه عليه فهو محل شبهة، وإن كان صدقة، فكان المعطى إنما يعطيه لدينه، فلينظر إلى باطنه، فإن كان مقارناً لمعصية في السر، يعلم أن المعطى لو علم بذلك، لنفر طبعه ولما تقرب إلى الله بالصدقة عليه، لم يأخذه كما لو أعطاه لظنه أنه عالم لم يكن.
الثالث: أن يكون غرض المعطى الشهرة والرياء والسمعة، فينبغي أن يرد عليه قصده الفاسد، ولا يأخذه، لأنه إذا قبله يكون معينا له على قصده الفاسد. وأما غرضه في الأخذ، فلينظر أهو محتاج إليه أو مستغن عنه؟ فان كان مستغنياً لم يأخذه، وإن كان محتاجاً إليه، وقد سلم من الشبة والآفات التي ذكرناها، فالأفضل له الأخذ، لما روى عن عمر رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل، فخذه، ومالا فلا تتبعه نفسك" أخرجاه في "الصحيحين".
وفى حديث آخر:"من جاءه من أخيه معروف من غير إسراف ولا مسألة، فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه".
[٤ ـ فصل في بيان تحريم السؤال من غير ضرورة وآداب الفقير المضطر في السؤال]
اعلم: أنه قد ورد في السؤال أحاديث في النهى عنه، وفى الترخيص فيه.
أما الترخيص: فكقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "للسائل حق وإن جاء على