للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبكى يحيى بن زكريا عليهما السلام حتى بدت أضراسه، فاتخذت أمه قطعين من لبود فألصقتها بخدية.

[١٠ ـ ذكر خوف نبينا صلى الله عليه وآله وسلم]

عن عائشة رضى الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قط مستجمعاً ضاحكاً، حتى أرى لهواته (١) إنما كان يبتسم، وكان إذا رأى غيماَ وريحاً عرف ذلك في جهه، فقلت: يارسول الله: الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت الكراهه في وجهك! فقال: "يا عائشة: مايؤمننى أن يكون فيه عذاب؟ قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا" أخرجاه في "الصحيحين".

وكان صلى الله عليه وآله وسلم يصلى ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء.

[١١ ـ ذكر خوف أصحابه رضى الله عنهم]

روينا عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه أنه كان يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد. وقال: ياليتنى كنت شجرة تعضد ثم تؤكل. وكذلك قال طلحة وأبو الدرداء وأبو ذر رضى الله عنهم.

وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يسمع آية فيمرض فيعاد أياماً. وأخذ يوما تبنة من الأرض فقال: باليتني كنت هذه التبنة، ياليتنى لم أك شيئاً مذكوراً، ياليت أمي لم تلدني. وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء.

وقال عثمان رضى الله عنه: وددت أني إذا مت لا أبعث.

وقال أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه: وددت أنى كنت كبشاً فذبحني أهلي، فأكلوا لحمى، وحسوا مرقي.

وقال عمران بن حصين: ياليتنى كنت رماداً تذروه الرياح.


(١) اللهاة: اللحمة المشرفة على الحلق، أو ما بين منقطع أصل اللسان إلى منقطع القلب من أعلى القسم، جمعها: لهوات، ولهيات.

<<  <   >  >>