وهذا يمكن أن يزاد عليه، وينقص منه، فإن ضرب اليتيم وتعذيبه أكبر من أكل ماله، والله أعلم.
[٢ ـ فصل في كيفية توزع الدرجات في الآخرة على الحسنات والسيئات في الدنيا]
اعلم: أن الناس يتفاوتون في الآخرة، كما يتفاوتون في الدنيا، وينقسمون إلى أربعة أقسام: هالكين، ومعذبين، وناجين، وفائزين.
ومثال ذلك أن يستولي ملك من الملوك على إقليم، فيقتل بعض أهله، ويعذب بعضهم ولا يقتلهم، ويخلى بعضهم، فهم الناجون، ويخلع بعضهم وهم الفائزون.
وإذا كان الملك عادلاً، فلا يقسمهم كذلك إلا باستحقاق، ولا يقتل إلا جاحداً لاستحقاق الملك، معانداً له في أصل الولاية، ولا يعذب إلا من قصَّر في خدمته مع الاعتراف له بالملك، ولا يخلى إلا معترفا له بالملك، ولم يقصر، ولا يخلع إلا على من أبلى عمره في الخدمة والنصرة، وكل واحد من هذه الأقسام يتفاوتون في النعيم والتعذيب على حسب أحوالهم، ويشهد لذلك ما ورد في الحديث أن من الناس من يمر على الصراط كالبرق الخاطف، ومنهم من يبقى في النار سبعة آلاف سنة، وبين اللحظة وسبعة آلاف سنة تفاوت كثير.
وأما اختلاف العذاب بالشدة، فلا نهاية لأعلاه، وأدناه التعذيب بالمناقشة في الحساب، كما أن الملك قد يعذب بعض المقصرين في الأعمال بالمناقشة في