قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً، كلها مثل حرها".
وفى أفراد مسلم، من حديث ابن مسعود رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها".
وعن أبى الدرداء رضى الله عنه قال: يلقى على أهل النار الجوع، فيعدل عندهم ما فيه من العذاب، فيستغيثون بالطعام، فيغاثون بالضريع لا يسمن ولا يغنى من جوع، فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصة بالشراب، فيستغيثون بالشراب، فيغاثون بالحميم، ينالونه بكلاليب من حديد، فإذا دنا منهم شوى وجوههم، وإذا دخل بطونهم قطع ما في بطونهم، فيطلبون إلى خزنة جهنم، أن {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} فيجيبونهم {قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}[غافر: ٤٩] فيقولون سلوا مالكاً: فيقولون {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} فيقول: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}[الزخرف: ٧٧] فيقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} فيقول عز وجل {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون: ١٠٧ - ١٠٨] فعند ذلك ييأسون من كل خير، ويأخذون في الشهيق والويل والثبور.
وتفكر في حياتها وعقاربها، ففى الحديث: "إن حياتها أمثال أعناق البخت، وعقاربها كالبغال الموكفة".
وعن الحسن: أن النار تأكلهم كل يوم سبعين ألف مرة ثم يعودون كما كانوا.
واعلم: أن صفة جهنم تطول، وأيسر اليسير من ذلك ينبغي أن يكفى في التخويف، فإن كنت مؤمناً بهذا فانتبه لنفسك، وخف ما بين يديك، فإن الله لا يجمع على عبد خوفين، ولسنا نعنى بالخوف رقة النساء فتبكى ساعة ثم تترك العمل، وإنما نريد خوفاً يمنع عن المعاصي، ويحث على الطاعة، فأما خوف الحمقى الذين اقتصروا على سماع الأهوال، وأن يقولوا: استعنا بالله، نعوذ بالله، يا رب سلم، وهم مع ذلك مصرون على القبائح، والشيطان يسخر بهم كما يسخر ممن قصده سبع ضار وهو إلى جانب حصن فيقول: أعوذ بالله من هذا، وهو لا يدخل الحصن ولا يبرح مكانه.