للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الثاني: ما يصرفه إلى الناس، وهو أربعة أقسام

أحدها: الصدقة، وفضائلها كثيرة ومشهورة.

القسم الثاني: المروءة، ونعنى بها صرف المال إلى الأغنياء والأشراف في ضيافة وهدية وإعانة ونحو ذلك، وهذا من الفوائد الدينية، إذ به يكتسب العبد الإخوان والأصدقاء.

القسم الثالث: وقاية العرض نحو بذل المال لدفع هجو الشعراء، وثلب (١) السفهاء، وقطع ألسنتهم، وكف شرهم، فهو من الفوائد الدينية، فان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "وما وقى الرجل به عرضه فهو صدقة" (٢). وهذا لأنه يمنع المغتاب من معصية الغيبة، ويحرز مما يثير كلامه من العداوة التي تحمل في الانتقام على مجاوزة حدود الشريعة.

القسم الرابع: ما يعطيه أجراً على الاستخدام، فإن الأعمال التي يحتاج إليها الإنسان لمهنة أسبابها كثيرة، ولو تولاها بنفسه ضاعت أوقاته، وتعذر عليه سلوك الآخرة بالفكر والذكر اللذين هما أعلى مقامات السالك، ومن لا مال له يفتقر إلى أن يتولى خدمة نفسه بنفسه، فكل ما يتصور أن يقوم به غيرك، ويحصل بذلك غرضك، فإن تشاغلك به غبن، لأن احتياجك إلى التشاغل بما لا يقوم به غيرك من العلم والعمل والذكر والفكر أشد.

النوع الثالث: ما لا يصرفه الإنسان إلى معين، لكن يحصل عليه به خيراً عاماً، كبناء المساجد، والقناطر، والوقوف المؤبدة، فهذه جملة فوائد المال في الدين، سوى ما يتعلق بالحظوظ العاجلة، من الإخلاص من ذل السؤال، وحقارة الفقر، والعز بين الخلق، والكرامة في القلوب، والوقار.

وأما غوائل المال وآفاته، فتنقسم أيضاً إلى دينية ودنيوية:

أما الدينية فثلاث فئات:

الأولى: أنه يجر إلى المعاصي غالباً، لأنه من استشعر القدرة على المعصية،


(١) يقال: ثلبه: يثلبه بكسر اللام ثلباً: إذا لامه وعابه بالعيب وقال فيه وتنقصه.
(٢) أخرجه الحاكم في "المستدرك" من حديث جابر، وصححه، لكن الذهبي رده بقوله: عبد الحميد ضعفوه، وقال في "الميزان": غريب جداً، وأورده الهيثمي في "المجمع" ٣/ ١٣٦ من حديث جابر، ونسبه إلى أبي يعلى، وقال: وفي إسناده مسور بن الصلت وهو ضعيف.

<<  <   >  >>