وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن المؤمن إذا أذنب كان نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر، صقل قلبه، وذلك الران الذي ذكر الله عز وجل في كتابه:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[المطففين: ١٤] قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحسن رحمه الله: الحسنة نور في القلب، وقوة في البدن، والسيئة ظلمة في القلب، ووهن في البدن.
النوع الرابع: ذكر ما ورد من العقوبات في آحاد الذنوب، كشرب الخمر، والزنى، والقتل، والكبر، والحسد، والغيبة.
وينبغى أن يكون طبيباً يعلم الداء، ويدرى كيف يصنع الدواء، فإن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أوصني، قال: "لا تغضب".
وقال آخر: أوصني، فقال: "عليك باليأس مما في أيدي الناس".
فكأنه تخايل في الأول مخايل الغضب، وفى الثاني مخايل الطمع.
وهذا الذي ذكرنا هو علاج الغفلة، فيبقى علاج الشهوة، وطريق علاجها يؤخذ مما ذكرنا في كتاب " رياضة النفس " ولابد من الصبر، فإن المريض إنما يطول مرضه لتناوله ما يضره، وإنما يحمله على ذلك شدة شهوته، أو غفلته أو مضرته، فلابد من مرارة الصبر، وكذلك يعالج الشهوة في المعاصي، كالشاب مثلاً إذا غلبته شهوة، فصار لا يقدر على حفظ عينه وقلبه وجوارحه في السعى وراء الشهوة، فينبغي أن يستحضر المخوفات التي جاءت في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا اشتد خوفه تباعد عن الأسباب المهيجة للشهوة.
والذي يهيج الشهوة من خارج، هو حضور المشتهى، والنظر إليه، وعلاجه: الجوع والصوم الدائم، وكل ذلك لا يتم إلا بصبر، ولا يصبر إلا عن خوف، ولا يخاف إلا عن علم، ولا يعلم إلا عن بصيرة، فأول الأمر حضور مجالس الذكر، والاستماع بقلب مجرد عن الشواغل، ثم التفكر فيما قيل، فينبعث الخوف، ويسهل الصبر، وتتيسر الدواعي لطلب العلاج، وتوفيق الحق سبحانه من وراء ذلك كله.
فإن قيل: ما بال الإنسان يقع في الذنب مع علمه بقبح عواقبه؟