ومن حسن الصبر أن لا يظهر أثر المصيبة على المصاب، كما فعلت أم سليم امرأة أبى طلحة لما مات ابنها، وحديثها مشهور في "صحيح مسلم".
وقال ثابت البنانى: مات عبد الله بن مطرف، فخرج مطرف على قومه في ثياب حسنة وقد ادهن، فغضبوا، وقالوا: يموت عبد الله، ثم تخرج في ثياب من هذه مدهنا؟! قال: أفأستكين لها، وعدني ربى تبارك وتعالى ثلاث خصال، كل خصلة منها أحب إلى من الدنيا وما فيها.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: ١٥٦ و ١٥٧].
وقال مطرف: ما شىء أعطى به في الآخرة قدر كوز من ماء، إلا وددت أنه أخذ منى في الدنيا.
وكان صلة بن شيم في مغزىً له ومعه ابنه، فقال: أي بنى! تقدم فقاتل حتى أحتسبك، فحمل فقاتل حتى قتل، ثم تقدم فقتل، فاجتمع النساء عند أمه معاذة العدوية، فقالت: مرحباً إن كنتن جئتن تهنئننى، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن.
وإذا كانت المصيبة مما يمكن كتمانها، فكتمانها من نعم الله عز وجل الخفية.
وروى أبو هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:"إذا مرض العبد بعث الله إليه ملكين، فيقول: انظروا ما يقوله لعواده، فإن هو حمد الله تعالى إذا دخلوا عليه، رفعا ذلك إلى الله تعالى وهو أعلم. فيقول: لعبدي إن أنا توفيته أن ادخله الجنة، وإن أنا شفيته أن أبدله لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، وأن أكفر عنه خطاياه"(١).
وقال على رضى الله عنه: من اجلال الله ومعرفة حقه أن لا تشكو وجعك، ولا تذكر مصيبتك.
وقال الأحنف: لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة، ما ذكرتها لأحد.
(١) أخرجه مالك في "الموطأ" ٢/ ٩٤٠: باب ما جاء في أجر المريض من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ورجاله ثقات إلا أنه مرسل، ووصله ابن عبد البر من طريق عباد بن كثير عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد الخدري، وعباد بن كثير ليس بالقوي.