للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له على أحد من عباده سواه، وإن كان يرى انه يبدل حال نفسه بحال بعضهم دون بعض، فلينظر إلى عدد المغبوطين عنده، فإنه يراه عنده لا محالة أقل من غيرهم، فيكون من دونه في الحال أكثر بكثير ممن فوقه، فما باله ينظر فوقه ولا ينظر إلى من دونه؟!

وفى "الصحيحين" عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه". وقد رواه الترمذي بلفظ آخر: "انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم، فإنه أجدر أن تزدروا نعمة الله عليكم" (١).

فإن من اعتبر حال نفسه، وفتش على ما خص به، وجد لله تعالى نعماً كثيرة، لا سيما من خص الإيمان، والقرآن، والعلم، والسنة، ثم الفراغ، والصحة والأمن وغير ذلك.

وقد روى في بعض الأحاديث "من قرأ القرآن فهو غني". وفي لفظ: "القرآن غنى لا فقر بعده، ولا غنى دونه" (٢).

وفى حديث آخر: "من أصبح آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".

وقال بعضهم:

إذا ما القوت يأتي لـ ... كَ والصحة والأمن

وأصبحت أخا حزن ... فلا فارقك الحزن

فإن قيل: فما علاج القلوب الغافلة عن شكر نعم الله تعالى؟

فالجواب: أما القلوب المبصرة، فتتأمل ما رمز إليه من أصناف نعم الله عز وجل، وأما القلوب البليدة التي لا تعد النعمة نعمة إلا إذا نزل بها البلاء، فسبيل صاحبها أن


(١) وهو في مسلم أيضاً ٤/ ٢٢٧٥ ونصه: "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله" قال أبو معاوية وهو أحد الرواة "عليكم".
(٢) رواه أبو يعلى والطبراني من حديث أنس رضى الله عنه وفى مسنده يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف، قال الدراقطني: ورواه أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن الحسن مرسلاً، وهو أشبه بالصواب.

<<  <   >  >>