للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا صلى الفجر استحب أن يمكث في مكانه إلى طلوع الشمس.

فقد روى أنس رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" (١).

وليكن وظائف وقته أربعاً: الدعاء، الذكر، والقراءة، والفكر.

وليأت بما أمكنه، وليتفكر في قطع القواطع، وشغل الشواغل عن الخير ليؤدى وظائف يومه، وليتفكر في نعم الله تعالى ليتوفر شكره.

الورد الثانى: ما بين طلوع الشمس إلى الضحى، وذلك بمضي ثلاث ساعات من النهار، إذا فرض النهار اثنتي عشرة ساعة، وهو الربع، وهذا وقت شريف، وفيه وظيفتان: أحدهما: صلاة الضحى (٢).

والثانية: ما يتعلق بالناس من عيادة مريض، أو تشييع جنازة، أو حضور مجلس علم، أو قضاء حاجة مسلم. وإن لم يفعل شيئاً من ذلك تشاغل بالقراءة والذكر.

الورد الثالث: من وقت الضحى إلى الزوال، والوظيفة في هذا الوقت، الأقسام الأربعة، وزيادة أمرين:

أحدهما: الاشتغال بالكسب والمعاش، وحضور السوق، فإِن كان تاجراً فليتجر بصدق وأمانة، وإن كان صاحب صنعة، فليصنع بنصيحة وشفقة، ولا ينس ذكر الله تعالى في جميع أشغاله، وليقنع بالقليل.


(١) رواه الترمذي، قال: حديث حسن.
(٢) قال الغزالي في "الإحياء": فالمواظبة عليها من عزائم الأفعال وفواضلها، أما عدد ركعاتها، فأكثرها ما نقل فيه ثمان ركعات، روت أم هانىء أخت علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى الضحى ثمان ركعات أطالهن وحسنهن، ولم ينقل هذا القدر غيرها، فأما عائشة رضى الله عنها، فإنها ذكرت أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله، فلم تحد الزيادة أي أنه كان يواظب على الأربعهَ لا ينقص عنها وقد يزيد زيادات، وروي في حديث مفرد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلى الضحى ست ركعات، وأما وقتها فقد روى علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلى الضحى ستاً في وقتين إذا اشرقت الشمس وارتفعت قام وصلى ركعتين وهو أول الورد الثاني من أوراد النهار كما سيأتي، وإذا انبسطت الشمس وكانت في ربع السماء من جانب الشرق صلى أربعاً فالأول إنما يكون إذا ارتفعت الشمس قيد نصف رمح والثاني إذا مضى من النهار ربعه بإزاء صلاة العصر، فإن وقته أن يبقى من النهار ربعه والظهر على منتصف النهار، ويكون الضحى على منتصف ما بين طلوع الشمس إلى الزوال، كما أن العصر على منتصف ما بين الزوال إلى الغروب. وهذا أفضل الأوقات، ومن وقت ارتفاع الشمس إلى ما قبل الزوال وقت للضحى على الجملة.

<<  <   >  >>