معاملات صحيحة وُيرابي، فهذا إن كان الأكثر من ماله حراماً، لم تجز قبول ضيافته ولا هديته إلا بعد التفتيش، فإن ظهر أن المأخوذ من وجه حلال جاز، وإلا ترك، وإن كان الحرام أقل، فالمأخوذ شبهة، والورع تركه.
واعلم: أن السؤال إنما يقع لأجل الريبة، فلا ينقطع إلا من حيث تنقطع الريبة المفضية له، بأن لا يكون المسؤول متهماً، فإن كان متهماً وعلمت أن له غرضاً في حضورك أو قبول هديته، فلا ثقة بقوله، وينبغى أن يسأل غيره.
القسم الرابع: في باب الحلال والحرام، وكيفيه خروج التائب عن المظالم المالية.
اعلم: أن من تاب وفى يده مال مختلط، فعليه تمييز الحرام وإخراجه، فإن كان معلوم العين، فأمره سهل، وإن كان ملتبساً مختلطاً، فإن كان من ذوات الأمثال، كالحبوب والنقود والأدهان، وكان معلوم القدر، ميز ذلك القدر، فإن أشكل فله طريقان:
أحدهما: الأخذ بغالب الظن.
والثاني: الأخذ باليقين، وهو الورع.
فإذا أخرج المال، فإن كان له مالك معين، وجب صرفه إليه أو إلى وارثه، وإن كان لذلك المال زيادة ومنفعة، جمع ذلك كله وصرفه إليه، وإن يئس من معرفة المالك ولم يدر أمات عن وارث أم لا؟ فليتصدق به، وإن كان ذلك من مال الفيء والأموال المرصدة لمصالح المسلمين، صرف ذلك إلى القناطر والمساجد ومصالح طريق مكة وما ينتفع به كل من يمر من المسلمين.
مسألة: إذا كان في يده مال حلال وشبهة، فليخص نفسه بالحلال، وليقدم قوته وكسوته على أجرة الحجَّام والزيت وإسجار التنور، وأصل هذا قوله صلى الله عليه وآله وسلم فى كسب الحجام:"اعلِفْهُ ناضِحَك".
ولو كان في يد أبويه حرام، فليمتنع من مؤاكلتهما، فإن كان شبهة داراهما، فإن لم يقبلا تناول اليسير.
وقد روى أن أم بشر الحافي ناولته تمرة فأكلها، ثم صعد الغرفة فقاءها.