للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عكاظٍ، ومعها نِحْيَا سَمْنٍ فاستخلى بها خوَّاتُ بن جُبير الأنصارىِ ليبتاعهما، ففتح أحدَهما وذاقه ودفعه إليها فأخذته بإحدى يديها ثم فتح الآخر وذاقه ودفعه إليها، فأمسكته بيَدها الأخرى، ثم غَشِيَها وهي لا تقدِرُ على الدّفع على نفسها لحفظها أفواهَ النِّحيين وشُحِّها على السَّمنِ.

للعرب أحرفٌ لا يتكلمون بها إلا على سَبيل المفعول له، وإن كان بمعنى الفاعل مثل عُني بالأمر ونُتجت الناقة والشاة وزُهي الرجل وإذا أمرت به قلت: لتزهُ [علينا] يا رجل، وكذلك الأمر من كلِّ (١) فعلٍ لم يُسم فاعله، لأنَّك إذا أمرت منه فإنما تأمرُ لتحصيلَ غيرَ الذي تخاطبه أن يوقع به، وأمر الغائب لا يكون إلا باللَّام كقولك: ليقم وزِنْ فهو على هذه اللُّغة قد فُضّل على المفعول دون الفاعل.

وأما على ما حكاه ابنُ دُرَيْدٍ، فقد فضل على الفاعل دون المفعول، وأمَّا زَهْوُ الدِّيك [فـ] (٢) تعرفه ببيتِ العراقيات (٣):

فيَمَّمَ عن عُفْرٍ طَلِيْحَ صَبَاْبَةٍ … وللفَجْرِ داعٍ باليَفَاع يَغُوِّثُ

متوَّجُ أعلى قمةِ الرأسِ شاحبٌ … جناحيهِ في العَصْبِ اليَماني مُرَعِّثُ

قال صاحب الكتاب: وهو مذكر الفاعل والمفعول، كأنهم يقدمون الذي بيانه أهمَّ وهم بشأنه أَعني، وإن كانا جميعًا يهمانهم ويعنيانهم. قال النحويون: معنى ذلك أنه قد يكون أغراض الناسِ في فعلِ ما أن يقع بإنسان بعينه، ولا يُبالون من أوقعه كمثل من يعمل من حالهم في الخارجي، يخرج فيعيث ويفسد ويكثُرُ به الأَذى أنَّهم يريدون قتله، ولا يبالون من [أوقعه ولا من] (٤) كان القتل منه، ولا يعنيهم منه شيء، فإذا قُتل وأراد مريد الإِخبار


(١) ساقط من (ب).
(٢) في (أ): "تعريفه".
(٣) ديوان الأبيوردي (العراقيات): ١/ ٢٢٥.
(٤) ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>