للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه الموسوم بـ (المقتضب) (١) وإِنّما أُعرب هذه الأفعال لمضارعتها الأسماء، ومعنى المضارعة أنها تقع مواقعها (٢)، وتؤدي معانيها.

قالَ جارُ اللهِ: " (فصل): [وقولهم] (٣) كادَ زيدٌ يقومُ وجعل يضرب (٤)، وطفق يأكل الأصل فيه أن يقال [فيه] (٣): قائمًا وضاربًا وآكلًا، لكن عُدل عن الاسم إِلى الفعل لغرض، وقد استعمل الأصل فيمن روى بيت الحماسة:

* فأبتُ إلى فَهْمٍ وما كِدْتُ آيِبًا *

قالَ المُشَرِّحُ: الغرض (٥) من إيراد. هذا الفصل أن يريك أن المضارع قد وقع [موقع] الاسم.

فإن سألت: كيف كان الأصلُ فيه أن يُقال: قائلًا وضاربًا وآكلًا، وهذا لأن هذه الأفعال أفعال المقاربة، فالأصل فيه أن يقال: كاد زيد من أن يفعل كذا بمعنى قرب زيد من أن يفعل كذا وقولك: قرب زيد من أن يفعل كذا، وقرب زيدٌ فاعلًا بينهما بونٌ؟

أجبتُ: أما في "جعل" و "طفق" فظاهر، أما في "كاد" فلأن أصل معناه وإن كان هو المقاربة إلا أنه بدون "أن" معناه الحُصُول، وذلك أن"كادَ" لما كان لمقاربة الأمر على سبيل الوجودِ والحصولِ استعمل في معنى "حَصَلَ". ألا ترى إلى قولهم: لما مات مَسلمة بن عبد الملك أوصى بثلثِ ماله لأهل الأدب، فجعل القُربَ من الموتِ موتًا، وكذلك إذا شارَفَ المسافر (٦) مِنْ مشارف المنزل صحَّ أن يقال بَلَغْتُ المنزلَ وإن لم يبلغه فقائمًا، وضاربًا


(١) المقتضب: ٢/ ١.
(٢) في (أ): "موقعها".
(٣) ساقط من (أ).
(٤) في (أ): "جعل يأكل وطفق يضرب".
(٥) شرح المفصل للأندلسي: ٣/ ٢٠١.
(٦) ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>