للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سألت: فكيف كان هذا المذهب هو الأول؟

أجبتُ: لأن قوله: وما عداها يتقدم خبرها على اسمها وعليها يتضمن ذكر هذا المذهب وهو مقدم على فعله فجعل من الضرب الأول.

قالَ جارُ اللهِ: " (فصل): وفصَّل سيبويه بين تقديم الظرف وتأخيره بين اللغو منه والمستقر، فاستحسن تقديمه إذا كان مستقَرًا نحو قولك (١): ما كان فيها أحد [خيرٌ منك] (٢)، وتأخيره إذا كان لغوًا نحو قولك: ما كان أحدٌ خيرًا منك فيها، ثم قال (٣): وأهل الجفاء يقرؤون: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.

قالَ المُشَرِّحُ: المستقَر -بفتح القاف- كذا سمعنا في (المفصل) وفي (الكشاف) والمراد به الموضع، ولفظ ابن السراج (٤): إذا كان الظرف غير محل سماه الكوفيون الصفة الناقصة وجعله البصريون لغوًا، وإنما استُحسن تقديمه إذا كان مستقرًا أنه إذا كان كذلك كان خبرًا، وإذا كان لغوًا كان متعلقًا بالخبر، وتقديم نفس الخبر أولى من تقديم المتعلق.

فإن سألت: فتأخير اللغو إذا كان هو المستحسن فلم قدم في التنزيل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}؟

أجبت: المعنى بذلك أن في تقديم المستقر جهةَ حسنٍ ليس في تقديم اللغو، ويجوز أن يعتقد للشيء جهة حسن وتحصل له جهة حسن أخرى مثاله


= وهذه المسألة من مسائل الخلات بين الكوفيين والبصريين في الأنصاف: ١٦٠ - ١٦٤ مسألة رقم (١٨) والتبيين عن مذاهب النحويين للعكبري: ٣١٥ - ٣٢٤ مسألة رقم (٤٧) وينظر: الأصول لابن السراج: ١/ ١٠٢، والإِيضاح: ١١٠، وشرح الرضي: ٢/ ٢٩٧، والبحر المحيط: ٥/ ٢٠٦.
(١) ساقط من (ب).
(٢) في (أ): "وخبرك".
(٣) الكتاب: ١/ ٢٧، وينظر: المقتضب: ٤/ ٩٠، والأصول: ١/ ٨٥، والبحر المحيط: ١/ ٥٢٨.
(٤) الأصول: ١/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>