للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المُشَرِّحُ: {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} منصوبٌ على التَّمييز والقَوْمُ هو الفاعِلُ، و {الَّذِينَ كَذَّبُوا} هو المَخصوص بالذَمِّ. فبعد ذلك لا يخلو من أن يجوز ذلك التَّمييز في "بئس" أو لا يَجوز، فإن جازَ فذاك، ولئن لم يجز فالفرقُ بين بئس وساءَ ظاهرٌ، وذلك أن "ساءَ" متصرفٌ بخلاف بئس، ويشهد له قولهم: [نِعْمَ] زيدٌ رجلًا ويحتجوا بقوله (١): {حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} قالَ ابنُ السَرَّاجِ (٢): و"حسن" ليس كـ "نعم".

قالَ جارُ اللهِ: (حبَّذا) مما يُناسب هذا الباب، ومعنى حبّ: صارَ محبوبًا جدًّا، وفيها لُغتان فَتح الحاءِ وضَمُّها، وعليها رُوي قولُهُ:

* وَحُبَّ بها مَقْتُولَةٌ حينَ تُقْتَلُ *

وأصله: حَبَبَ، وهو مسندٌ إلى اسمِ الإِشارةِ إلا أنّهما جريا بعد التَّركيب مُجرى الأَمثال التي لا تُغير، فلم يضم أول الفعل ولا وضع موضع "ذَا" غيره من أسماء الإِشارة بل أُلزمت فيه طريقة واحدة".

قالَ المُشَرِّحُ: "حَبَّ" ها هنا من باب (فَعُلَ) بضم العين.

فإن سألتَ: لم لا يَجوز أن يكون فَعَلَ أو فَعِلَ بفتح العين وكسرها.

أجبتُ: لوجهين (٣):

أحدهما: أن الصفة منه حَبِيْبٌ.

والثاني: أنه قد وَرَدَ فيه -كما علمت- نقل الضَّمة من العين إلى الفاء.


(١) سورة النساء: آية: ٦٩.
(٢) الأصول: ١/ ١١٧ قال ابن السراج: "وللمتأول أن يتأول غير ما قالوا، لأنه فعل يتصرف. تقول: نعم القوم الزيدون، ونعم رجالًا الزيدون، والزيدون نعم القوم والزيدون نعم قومًا … ".
(٣) شرح المفصل للأندلسي: ٤/ ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>