للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسرع انطلاقًا وأشدَّ سمرة، كذلك تقول ها هنا ما أجود جوابه وأسرع انطلاقه وأشد سمرته. وأمَّا قولهم: ما أعطاه [للمَال] وما أولاه للمعروف فلأنَّه ورد في أفعل التفضيل كما ذكرنا هو أعطاهم للدرهم، وأولاهم للمعروف، وكذلك ما أشبهها لأنه [قد] ورد في أفعل التَّفضيل هي أشهى إليَّ، ولعل ما أمقته كذلك.

قالَ جارُ اللهِ: "وذكر سيبويه (١) أنَّهم لا يقولُون ما أقيله استغناء عنه بما أكثر قائلته كما استَغْنَوْا بتَرَكْتُ عن وذرتُ".

قالَ المُشَرِّحُ: [ما أقيله] كأنه استعمل في القيل وهو سير (٢) [نصف] النَّهار فلا يُستعمل في القيلولة، يقول: استعمل الفعل من القيلولة وأميت منه التعجب، كما استعمل المضارع والأمر في قولهم: هذا يذره وذره وأُميت منه الماضي.

قالَ جارُ اللهِ: "ومعنى ما أكرم زيدًا [أي] شيءٌ جعله كريمًا كقولك: أمرٌ أقعده عن الخروج ومهمٌّ أشخصه عن مكانه، تريد أن قُعوده وشُخوصه لم يكونا إلا لأمرٍ، إلا أن هذا النَّقل من كل فعل خلا ما استثنى [منه] فمختصٌّ بباب التَّعجب، و [غير منكرٍ] في لسانهم أن يجعلوا لبعضِ الأَبواب شأنًا ليس لغيره لمعنى".

قالَ المُشَرِّحُ: الذي استثنى من هذه القَضِيَّة أفعال الألوان والعُيُوب؛ لأنَّها وإن كانت ثلاثية فأصلها باب أفعل وأفعال، قوله: في لسانهم أن يجعلوا لبعض الأبواب شأنًا، مثاله قولهم: اللهم [اغفر] لنا أيَّتُها العصابة، ولا يجوز اللهم اغفر لهم أيتها العصابة.


(١) الكتاب: ٢/ ٢٥١.
(٢) في (ب): "شرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>