للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقوم ويقعد، وبكر قاعد وأخوه قائم، وأقَامَ بشرٌ وسافرَ خالدٌ، فتمع بين الرجلين في المجيء، وبين الفعلين في إسنادهما إلى زيدٍ، وبين مضموني الجملة في الحصول".

قال المُشَرِّحُ: ليس في حروف العطف ما يوجب المشاركة بين الثاني والأول سوى هذه الثلاثة أعني: الواو والفاء وثم، وأنها كالأصول و "سوى" "حتى" وسائرها توقع الشّركة بينهما في اللَّفظ دون المعنى، ثم الذي هو أصل لهذه [الأصول] (١) هو الواو، والدَّليل على ذلك أنها لا تُوجب إلا الاشتراك [بين الشيئين] (٢) في حكمٍ واحدٍ، وسائر حروف العطف تُوجب زيادة حكم على هذا ألا ترى أنَّ الفاء توجب الترتيب، و "أو" للشك، و "بل" للإِضراب، فلما كانت في هذه الحروف زيادة معنى على حكم العطف صارت في المعنى كالمركبة والواو مفردةٌ، والمفردةُ قبل المركبة (٣).

فإن سألت فما الفرق بين قولك: قام زيد قام عمرو وبين قولك قام زيد وقام عمرو؟.

أجبت: الفرق بينهما من وجهين:

أحدهما: ما ذكره الإِمام المحقق عبدُ القاهر الجُرْجَانِي (٤) من أن عطف الجملة على الجملة يقتضي أن يكون بينهما تناسب، بدليل أنك لو قلت زيدٌ قاعدٌ وعمرٌو شاعرٌ لم يحسن، ولذلك عابُوا على أبي تمام قوله:

لَا وَالَّذِي هُوَ عَالِمٌ أنَّ النَّوى … صَبِرٌ (٥) وأنَّ أَبَا الحُسَيْنِ كَرِيْمُ


(١) في (ب).
(٢) في (ب).
(٣) في (ب): "والتركيب بعد المفرد".
(٤) دلائل الإِعجاز (ص ٢٢٥)، والبيت لأبي تَمَّام في ديوانه (ص ٢٩٩).
وينظر: معاهد التنصيص (١/ ٩١).
(٥) في (أ): "ضر".

<<  <  ج: ص:  >  >>