للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليست من حُروف العطف، ألا ترى أنك إذا قلت: مررت برَجُلٍ حِمَارٍ فانجرار حمارٍ بأنه بدل الغَلَط، لكن لَيس في الكلام دلالةٌ لفظية على أنه بدل الغلط، فإذا قلت: مررت برجل بل حمار فهو هو (١) إلا أن فيه دلالة لفظية على كونه بدل الغلط، وهذا يقتضي أن لا تكون "بل" من حروف العطف، لأن العطف هو الذي لولاه لما حظي العطوف بإعراب المعطوف عليه وها هنا يحظى بدونه. ونظير هذه المسألة "أيْ" في قولك مررت بالليث أي: الأسد، [فإن لم يكن أي] (١) من حروف العطف لقولهم: مررت باللَّيث الأسد فإن لم يكن "أي" من حروف العطف فـ "بل" لا تكون [منها، ثم إذا جاءت "بل" بعد كلام منفي كقولك: ما رأيت زيدًا بل عمرًا فمعناه على وجهين:

أحدهما: الإِضراب] (٢) عن الأول والاعتماد في الجحد على الثاني بتقدير: بل ما رأيت عمرًا.

والآخر: أن تكون بمعنى "لكنْ " بتقدير: لكن عمرًا أي: بل رأيت عمرًا، وهذا عند المُبَرِّدُ أجودُ؛ لأنّه من رأيت أقرب. لا يجوز جاءني زيد لكن بشر.

فإن سألت: فلمَ لا يجوزُعلى معنى النَّفي لكنْ بشر لم يجئ كما كان ما جاءني زيدٌ لكن عمرو بمعنى عمرو جاءني؟.

أجبتُ: النفي لا يكون ألا بحرفِ النفي، وليس كذلك الإِيجاب؛ لأنه لا علامة له بحرف قوله: "وأما في عطف الجملتين فنظيره "بل" يريد: أنَّهما كما تَجِيْءُ بعد النَّفي حينئذ كذلك (٣) تجيء بعد الإِثبات، كما تَقولُ: ما جاءني زيدٌ لكنْ عمروٌ جاء، فكذلك تقول: جاءَني زيدٌ لكن عَمرٌو لم


(١) في (ب): "فإنه ليس".
(٢) ساقط من (أ).
(٣) في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>