للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمضي أول كلامك على اليَقين ثم تَعْرضه للشَكّ، ومع "إما" كلامك من أوله مبني على الشك".

قال المُشَرِّحُ: نظيرُ هذه المسألة كافُ التَّشبيهِ في "كَأَنَّ"، ولأنهم أدخلوا "إما" في أول الكلام ليعادلوا بين الاسمين.

قال جارُ اللَّهِ: "ولم يعد الشيخ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ "إما" في حروفِ العطف (١) لدخول العاطف عليها، ووقوعها قبل المعطوف عليه".

قال المُشَرِّحُ: عُذْرُ المتقدمين إشراك الثاني الأول في الإِعراب.

قال جارُ اللَّه: " (فصلٌ) و"لا"، و"بل"، و"لكن" أخواتٌ في أن المعطوف بها مخالف للمعطوف عليه فلا تُبقي ما وجب للأول كقولك: جاءَني زيدٌ لا عمرو، و"بل" للإِضراب عن الأول منفيًا أو موجبًا كقولك جاءَني زيدٌ بل عَمْروٌ وما جاءَني بكرٌ بل خالدٌ، و"لكن" إذا عطف بها مفرد على مثله كانت للاستدراك بعد النَّفي خاصةً كقولك: ما رأيت زيدًا لكن عمرًا، وأمَّا عطف الجملتين فنظيره "بل"، تقول: جاءني زيد لكن عمرو لم يجئ، وما جاءني زيد لكن عمرو جاء".

قال المُشَرِّحُ: "لا" للنفي بعد الإِيجاب تقول: جاءَني زيدٌ لا عمرٌو ولو قلتَ: ما جاءني زيدٌ لا عمرٌو لم يجز. عن بعض الأدباء: "بل" مثل البَدَل "لكن" مثل عطف البيان، اللام مع اللام والنون مع النُّون، وأنا ممن يَدور في خلده ذلك (٢) وتدعوه النَّفس إلى أن يخلع ربقة التقليد (٣)، ويقول بأن "بل"


(١) الإِيضاح (ص ٢٨٥).
قال الإِمام عبد القاهر في المقتصد (٢/ ٩٤٥): "وقد استمر النحويون على جعل "إما" من حروف العطف، ولم يعرف تحقيقه غير الشيخ أبي علي، ولهذا قال في أول الباب: إن حروف العطف تسعة، وهم يقولون إنها عشرة لعدهم "إما" من جملتها، وذلك سهو ظاهر".
(٢) في (ب).
(٣) في (ب): "الإِعراب".

<<  <  ج: ص:  >  >>