للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخُذ إمَّا هذا وإما ذاك، والإِباحة كقولك: جالِس الحَسَن أو ابن سِيْرِيْن، وتَعَلّم إما الفِقْهَ وإمّا النحوَ".

قال المُشَرِّحُ: "أو" في أصلها لتسَاوي شيئين فصاعدًا في الشَّك، ثم اتسع فيها فاستعيرت من الشَكِّ. وذلك قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين تريد: أنَّهما سِيَّان في استصواب أَن يُجالسا.

تَخْمِيْرٌ: اعلم أن "إمّا" العاظفة أصلها "إن" (ما) فأُدغمت النون في الميم، والدَّليل على ذلك قوله (١):

لَقَدْ كَذَبَتْكَ نَفْسَكَ فَاكْذِبَنْها … فإِنْ جَزَعًا وإن إجمالَ صَبْرِ

وأراد: "إمّا" والدليل عليه أنك لم تأت لإِنْ بجوابٍ، بعد البيت ولا قبله، أمَّا بعده فظاهرٌ، وأمَّا قبله فلأن الفاء متى دخلت على حرف الشرط لم يجز أن يكون ما قبلها جوابًا لها كقولك: أنا أجيئُك فإن أتيتني وإن أسقطت الفاء فحينئذ (يجوزُ).

فإنْ سألتَ: فلمَ خُصَّت "إنْ" الجزائية بذلك؟.

أجبتُ: لأن الشَّرطَ يجوزُ أن يكونَ، ويجوزُ أن لا يكونَ، ومعنى "إمَّا" في العَطف إيجاد أحد الشيئين، فلمَّا تضارعا من هذا الوجه أُدخلت "إن" الجَزائية في باب (٢) العطف مع "ما"، فأعرفه بحثًا نقلته إليك بلفظ السَّلَفِ.

قال جارُ اللَّه: " (فصلٌ) وبين "أو" و"إما" من الفصل أنك مع "أو"


(١) البيت لدُريد بن الصِّمة في ديوانه (ص ٦٨) يرثي معاوية بن الشريد السُّلمي أخا الخنساء.
والشاهد في الكتاب (١/ ١٣٤، ٤٧١)، (٢/ ٦٧)، المقتضب (٣/ ٢٨)، شرح المفصل (٨/ ١٠١)، الجنى الداني (ص ٢١٢، ٥٣٤)، الخزانة (٤/ ٤٤٢).
(٢) ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>