للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللهِ: وقد نفى بها الماضي في قوله تعالى (١): {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} وقولُهُ:

* وَأَيُّ أَمْرٍ سَيّءٍ لَا فَعَلَهْ *"

قال المُشَرَّحُ: "لا" إذا أدخل على الماضي فلا يَكادُ يفرد، وأمَّا قولُهُ تعالى (٢): {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} فلأنَّه فيما كان في آخره فعناه فاكتفى بواحدة من الأخرى، ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بثلاثة أشياء فقال: {فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ … ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} فكأنه قيل: فلا فعل ذا ولا ذا، وأمَّا قوله:

* وأيُّ أمرٍ سَيِّءٍ لَا فَعَلَهْ (٣) *

فهو مكرر من حيث المعنى.

قال جارُ اللَّهِ: "وتنفي بها نفيًا عامًا في قولك: لا رجل في الدار وغير


(١) سورة القيامة: آية ٣٠.
(٢) سورة البلد: آية ١١.
(٣) قال ابن المستوفي في إثبات المحصل (ص ١٨٤): "وهو من أبيات أنشدها ابن السِّيرافي لابن العَيِّف أخي بني سليمة يهجو بها الحارثَ بن جبلة الغَسَّانِيَّ وحمله على هجوه المنذر بن ماء السّماء. وقال أبو محمد الأَعرابي: وذكر قصة ذلك وأن المنذر أمر من يهجو الحارث بن جبلة فانبرى شهاب بن العَيِّف أخو بني سليمة من عبد القيس فقال:
لاهم إنَّ الحارثَ بن جَبَلَهْ
زَنَّا أباه ظالمًا فَقَتَلَهْ
وركبَ الشَّادخة المُحَجِّلَهْ
وكان في جارَاتِهِ لا عَهْدَ لَهْ
وأيّ فعلٍ سيّءٍ لا فَعَلَهْ
توجيه إعراب البيت وشرحه في المُنخل (ص ١٨١)، شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ١٠٨)، شرحه للأندلسي (٣/ ١٢٦).
وينظر: إصلاح المنطق: ١٥٣، أمالي ابن الشجري (٢/ ٩٤، ٢٢٨) والإِنصاف: ٧٧ الخزانة (٤/ ٢٢٩). وابن السيرافي ذكر ذلك في شرح أبيات إصلاح المنطق، والرّد لابن الإِعرابي في "ضالة الأديب له".

<<  <  ج: ص:  >  >>