للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عام في قولك لا رجل في الدار ولا امرأة، ولا زيد في الدار ولا عمرو".

قال المُشَرَّحُ: النفي العام وغير العام قد ذكرناه في قسم الأسماء الفرق بين النفي بلا وبين النفي بـ "ما" أن "ما" تنفي ما أوجبه موجب يقال: زيد في الدار فتقول: ما زيد في الدار، ومن ثم كان لها صدر الكلام، لأن ما أوجبه موجب يجب أن يؤدي الصيغة ثم يدخل عليه حرف النفي، وأما "لا" فإنه لا يجب فيها مثل هذا، لأنها تأتي في حشو الكلام نحو جئت بلا شيء، وتأتي مبتدأة في لا رجل في الدار.

قال جارُ اللهِ: " (فصل) و"لم" و"لما" لقلب معنى المضارع ونفيه إلا أن بينهما فرقًا وهو أن لم يفعل نفي فعل، ولما يفعل نفي قد فعل".

قال المُشَرَّحُ: إنَّما جعل سيبويه (١) لم يفعل نفي فعل، ليبين حكمه ومعناه بنقيضه، لأن حق النقيضين أن يشتركا في مواقعهما وأحكامهما إلا من جهة معناهما، ومثلهما ضربت زيدًا، وما ضربت زيدًا.

قال جارُ اللهِ: "وهي "لم" ضمت إليها "ما" فازدادت في معناها أن تضمنت معنى التوقع والاقتصار واستطال زمان فعلها ألا ترى أنك تقول ندم ولم ينفعه الندم أي: عقيب ندمه، وإذا قلته بلما كان على أن لم ينفعه إلى وقته".

قال المُشَرَّحُ: أما أن "لم" ليس فيه توقع فلقوله تعالى (٢): {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} وأما أن في "لما" توقعًا فلقوله تعالى (٣) {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ}. أصل "لَمَّا" هنا "لَمْ" ضمت إليها "ما" ليصلح الوقت عليها وتزيد على معنى "لم" بطول زمانها.


(١) الكتاب (١/ ٤٤٨)، (٢/ ٣٠٥).
(٢) سورة الإِسراء: آية ١١١.
(٣) سورة البقرة: آية ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>