للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال جارُ اللهِ: "وتسكت عليها دون أختها في قولك: خرجت ولمَّا أي: ولمَّا تخرج كما تَسكت على "قد" في:

.... .... ..... ..... .... .... ..... وَكَأَنْ قَدِ (١) ".

قال المُشَرَّحُ: الفرق بينهما أن الحرف لا يتنزل منزلة الفعل إلا إذا تضمن معناه من جهتين، لأنه ما من حرف إلا وهو متضمن معنى الفعل ألا ترى أن الباء للإِلصاق والإِلصاق معنى فعل، والهمزة للاستفهام والاستفهام معنى فعل، فلو نزل الحرف بتضمنه معنى الفعل منزلته لكانت جميع الحروف منزلة منزلة الفعل، وذلك بمعزل عن الصواب، وقولك: لما متضمن معنى الفعل من جهتين بخلاف "لم" ألا ترى أنك إذا قلت: خرجت ولمَّا، فمعناه: خرجت و [انتفى] (٢) انتفاءً ممتدًا [إلى أن آن] (٣) خُروجك فمن حيث أنه يفسر ما [تنفي فقد تضمن من جهة، ومن حيث أنه يفسر] (٤) به وهو معدى إلى المصدر فقد تضمن معنى الفعل من جهة أخرى، وإذا تنزل منزلة الفعل جاز أن ينزل ما عمل فيه، لأنه بمنزلة إضمار الفاعل، ونظير هذه المسألة حروف النداء، فإنه لما نزل منزلة الفعل من جهتين، من جهة أنك إذا قلت: يا زيد اسقني، فمعناه: أدعوك للسقي، فقد تعدى كما ترى إلى المفعول الصحيح وغير الصحيح. قال أبو سعيد السيرافي: الفرق بين "لم" و "لمَّا" كالفرق بين فعل وقد فعل، وكقولك: جاء زيد وتقول: المراد لم يجئ زيد، وتقول: جاء زيد وقد تعمم فتقول: جاء زيد ولما يتعمم، و"قد" و"لما جميعًا في موضع الحال من زيد، وقال أيضًا: ومن أجل طول زمان "قد" و"لما" جاز حذف الفعل منهما كقولك اعتذر زيد وقد نفعه الاعتذار واعتذر غيره ولما وارف الشخوص.


(١) تقدم ذكره في هذا الجزء ص: ٨.
(٢) في (ب).
(٣) في (ب): "إلى الآن خروجك".
(٤) ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>