للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وكأن قد" أي: ولما ينفعه الاعتذار، وكأن قد شخص.

قال جارُ اللهِ: " (فصل) و"لن" لتأكيد ما تعطيه "لا" من نفي المستقبل تقول: لا أبرح اليوم مكاني فإذا وكدت وشددت قلت: لن أبرح اليوم مكاني، قال الله تعالى (١): {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} وقال (٢): {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} ".

قال المُشَرَّحُ: تقول: لن يذهب زيد أبدًا لمن قال: يذهب زيد غدًا.

قال جارُ اللهِ: "وقال الخليل: أصلها لا أن، فخفف بالحذف، وقال الفراء نونها مبدلة من الألف في "لا" وهي عند سيبويه حرف برأسه وهو الصحيح".

قال المُشَرَّحُ: "لن" نفي سيفعل، تقول: سيقوم عمرو فيقول: لن يقوم عمرو (٣).

وزعم الخَلِيْلُ أن أصل "لن": "لا" "أن" ولذلك نصبت الفعل، إلا أنها خففت لكثرة ورودها كما حققت ويلمَّه، وأيشٍ تريد ونحو ذلك، ونظيره حذفا بعد تخفيف قراءة من قرأ (٤): {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} بفتح اللام وسكون الثاء. فردّ عليه سيبويه بأنَّ قال: لو كان أصلها "لا" "أن" لما جاز زيدًا لن أضرب كما لا يجوز زيدًا لا أن أضرب، لأن أضرب ويضرب صلة "أن"، وما بعد الموصول لا يعمل فيما قبله.


(١) سورة الكهف: آية ٦١.
(٢) سورة يوسف: آية ٨٠.
(٣) جاء في هامش نسخة (ب): " (ح) ابن الدَّهان: أبو الحَسَن عن الخليل في كتاب "الأدوات" أن "لن" كلمة تؤكد الجحد في المستقبل فإذا قلت: لن أفعل فقد أكدت على نفسك أنك لا تفعله أبدًا، وقال في تفسير "لن" إنه يخلِّص الفعل للمستقبل وينفيه، وذلك في قولك: لن يذهب زيد أبدًا إذا قال قائل: سيذهب زيدٌ غدًّا". رأي الخليل في الكتاب (١/ ٤٠٧)، تهذيب اللغة (١٥/ ٣٣٢)، الصاحبي (ص ١٦٥).
(٤) سورة البقرة: آية ٢٠٣، وهي قراءة سالم بن عبد الله. البحر المحيط (٢/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>