للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه بأن (١) افعل (٢) لأن الباء تصل الثاني بالأول وصل الناقص بما يتممه وتفسير الكلام لا يكون إلا بعد تمامه.

والثَّالثُ: أن يكون ما قبلها كلامًا تامًا، لأنها وما بعدها جملة تفسر جملة قبلها ومن أجلَ ذلك قَوْلُه (٣): {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ونحوه بمعنى "إنه" ولم يصلح أن يكون بمعنى "أي"، لأن ما قبلها غيرُ تامٍّ، وهو مُبتدأ لا خبرَ معه فافهم ذلك. ومعنى قول أبي سَعِيْدٍ: وليس يقول احترازًا عما لو قُلتُ له: أن قم لم يجز، لأن القول يحكي ما بعده ويؤتي باللَّفظ الذي يَصلح في ابتداء وقوعه.

قال جارُ الله: "وبذلك فُسّر قولُهُ عزَّ وجلَّ (٤): {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا} وقوله (٥): {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ} ".

قال المُشَرِّحُ: الخليلُ (٦): "أن" في هذه المنزلة بمنزلة "أي"، لأنك إذا قُلت: انطلق بَنُو فلانٍ أن امشوا فأنت لا تريد أن تخبر أنهم انطلقوا بالمشي، ولكن تريدُ انطلقوا، فقال بعضهم لبعض: امشوا. وقيل: انطلقوا بمعنى تكلموا، كما يقال: انطلق فلان في الحديث، ويقال: امشوا أي: أكثروا، والمشاء: هو النَّماء ومنه سُمّيت الماشِيَةُ، وأهل الكوفة يجعلون "أن" في موضع نصب بإسقاط الجار، كأنه قال: انطلقوا بالمشي أي: بأن قال بعضهم لبعض: امشوا، كأنّه قيل: انطلقوا بهذه الحال، وهذا تنبيه على أن "أن" هي المصدرية تسمي "أن" المُفسرة "أن" التي للعبارة.


(١) في (أ): "أن" وما في (ب) يؤيده شرح السيرافي.
(٢) بعد كلمة "افعل" في (أ) "كذا" وليست هذه الكلمة في شرح السيرافي.
(٣) سورة يونس: آية ١٠.
(٤) سورة ص: آية ٦.
(٥) سورة الصافات: آية ١٠٤.
(٦) الكتاب: ١/ ٤٧٩، شرحه للسيرافي (٤/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>