للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُجازاةِ في شَيْءٍ، وإن أَكرمتني اليومَ فقد أَكرمتك أمسِ؛ لأن الفعل الماضي لا يكونُ جزاءً حقيقيًا.

فإن سألتَ فلمَ وَقَعَ الجَزَاءُ ها هنا ماضيًا؟.

أجبتُ: لأن "إن" وإن اقتضى استقباله فقد تقضي مضيّه وهو آخرهما وجودًا فكانت الغلبة له، وإن جئتني فأنت مكرم ليس بجزاء حقيقي، والنكتة فيه ما قاله الشَّيخُ الإِمامُ عبدُ القاهِرِ الجُرْجَانِيُّ (١) وهو أن يقال: كل ما لو أردت أن تجعله شرطًا لم يصح فإذا أردت أن تجعله جزاء وجب أن يكون بالفاء.

قال جارُ الله: "وقد تَجِيءُ الفاءُ محذوفةً في الشُّذوذ كقوله:

* مَنْ يَفْعَلِ الحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا *

قال المُشَرِّحُ: معناه: فالله يشكرها. تمامه:

* والشَرُّ بالشَرِّ عندَ اللهِ مِثْلَانِ *

البيت لكعبِ بن مالكٍ الأَنصاري (٢) وقبله:

فإنّما هذه الدُّنيا وزِيْنَتُها … كالزَّادِ لا بدَّ يومًا إنه فانِي

قال جارُ الله: "وتقام "إذا" مقامَ الفاءِ قالَ الله تَعَالَى (٣): {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} ".


(١) المقتصد (٢/ ١١٠٠).
(٢) ساقط من (ب).
وينسب أيضًا إلى عبد الرحمن بن حسَّان بن ثابت وإلى أبيه حسان رضي الله عنه.
توجيه إعراب البيت وشرحه في: إثبات المحصل (ص ١٩٦)، المنخل (ص ١٩٠)، شرح المفصل لابن يعيش (٩/ ٣)، شرحه للأندلسي (٣/ ٢٦٤، ٢٦٦).
وينظر: الكتاب (١/ ٤٣٥)، المقتضب (٢/ ٧٢)، مجال العلماء (ص ٤٣٢)، المسائل البغداديات (ص ٤٥٨)، الخصائص (٢/ ٢٨)، المحتسب (١/ ١٩٣)، المنصف (٣/ ١١٨)، المقتصد (ص ١١٠٣)، الخزانة (٣/ ٦٤٤، ٦٦٥)، (٤/ ٤٥٧).
(٣) سورة الروم: آية: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>