للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسن تقديم الاسم على الفعل في هذا الموضع مع أن "لو" تطلب الفعل لما فيها من معنى المجازاة، لأنها غير عاملة في الفعل، فحسن الفَرقُ بينها وبينها في اللَّفظ، ولذلك تقدَّم الاسمُ على الفعل إذا كان الفعل ماضيًا في "إنْ" أيضًا كقوله عزَّ وجلَّ (١): {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} ولم يَحسن إذا كان الفعلُ مستقبلًا نحو: إن زيدٌ يأتني أكرمه إِلَّا في الشَّعرِ، لأنَّ "إن" قد عَمِلَتْ في يأتني فأشبهت "لم" و"لن" في أنه لا يفرَّقُ بينها وبين الفعل.

قال جارُ اللهِ -رحمهُ الله-: " (فصلٌ) وقد تَجيء "لو" في معنى التَّمني في قولك: لو تأتيني فتحدثني، كما تقول: ليتك تأتيني، ويجوز في فتحدثني النَّصب والرَّفعِ قال الله تَعالى (٢): {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} وفي بعضِ المصاحف {فيُدْهِنُوا} ".

قالَ المُشَرِّحُ: وقد يدخل "لو" معنى التمني لأنها للتقرير (٣) كما أن التمني بـ "ليت" للتقرير إلا أن التَّقرير بـ "لو" في ما ذكر عليٌّ بن عِيْسى للإِيجاب عن المعنى غيره للاستمتاع بالمقدر فيكون جوابها بالفاء، ونصب ما بعدها من الفعل المُضارع بإضمار "إن"، لأنّها إذا صرفت عن العطف أضمرت بعدها "إن" ليدل بالمخالفة بين الأول والثاني في اللفظ على أنهما مختلفان في المعنى، أن الأول سبب لوقوع الثاني، ويجوز رفعه على العَطْفِ وكذلك على الاستئناف.


(١) سورة التوبة: آية: ٦.
(٢) القلم: آية: ٩.
وينظر: البحر المحيط: ٨/ ٣٠٩.
(٣) نقل الأندلسي في شرحه: ٤/ ٢٧٢ شرح هذه الفقرة وقال الأندلسي: "وكان شيخنا تاج الدين الكندي -رحمه الله- ينكر أن تكون "لو" حرف شرط، وأن الزمخشري غلط في عدها من أدوات الشرط فحكيت ذلك لشيخنا أبي البقاء فقال: غلط تاج الدين في هذا التغليط فإن "لو" تربط بشيء كما تفعل "إن" وكأن تاج الدين نظر إلى أن حق الشرط أن يكون فيما يمكن وقوعه وعدمه والماضي قد تحقق ووجب فلا معنى للشرط فيه، وفيه نظر".

<<  <  ج: ص:  >  >>