للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها إذا وقعت بينهما كانت بمنزلة ما هو في حشو الكلام (١)، وكالشيء الواقع في الطَيِّ ضرورة أنه لا يبتدأ بهما. أما النَّصبُ فعلى إعمال"إذن" وتقديرهما على الابتداء وجُعل ما بعدهما مستغنيًا عما قبلهما، لأن ما بعد الواو والفاء يجوز استئنافه على أنّهما لعطف جملةٍ على جملةٍ. ومما يوضح ما ذكرته قولك: زيد يقوم إذن يكرمك إذا عطفت (٢) إذن يكرمك على يقوم الذي هو الخَبر ورفعت يكرمك بتقدير ويكرمك إذن، وإذا عطفتها على الجملة المتقدمة بأسرها نصبته لأن إذن وقعت ها هنا مبتدأة، وقولك: إن تأتني آتك وإذن أكرمك إن عطفت وإذن أكرمك على أنك جزمت أكرمك، وإن جعلتَه مستأنفًا نصبته، وإن رفعت فعلى: وأنا إذن أكرمك ونحوه {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} (٣) قال أبو سَعِيْدٍ السِّيرافِيُّ (٤): شبه أصحابنا إذن من الحروف الناصبة بـ "ظننت" وأخواتها في الأفعال العاملة، وذلك أن ظننت متى قدمت على مفعوليها عملت لا غير، كقولك: ظننت زيدًا قائمًا، وإذا قُدِّم عليها أحد مفعوليها جازَ إعمالها وإلغاؤها كقولك: زيدٌ ظننت قائمٌ، وزيدًا ظننت قائمًا، وإذا تقدم عليها المفعولان كان إلغاؤها أحسن كقولك: زيدٌ خارجٌ ظننت أي: في ظني فكذلك "إذن" فيما ذكرنا، لأنها تَصلح أن يستدرك بها كقولك أتاني الخبرَ إذن، كما يستدرك بظننت في قوله: زيدٌ خارجٌ ظننت ونحو ذلك، ولذلك جاز الفصل بين"إذن" وما عملت فيه دون أخواتها نحو "لن" و "كي" أيضًا بالأيمان ونحوها إذن والله أقوم.


(١) نقل الأندلسي في شرحه: ٤/ ٢٧٨ شرح هذه الفقرة قال: "قال الخوارزمي: الغاؤها -ها هنا- لأنها بمنزلة ما هو في الحشو والشيء الواقع في الطي ضرورة … ".
(٢) نقل الأندلسي في شرحه: ٤/ ٢٧٩ شرح هذه الفقرة.
(٣) سورة الحج: آية: ٥.
(٤) شرح الكتاب: ١/ ٨٥ (المطبوع).

<<  <  ج: ص:  >  >>