للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى كلِّ ما أشبَهَهُ بالمعنَى المشتَرَكِ بينَهما فلا يكونُ معلقًا على شيءٍ بعينه غيرَ متأولٍ ما أشبهه، فإذًا لا يكونُ ما ذكره الشيخُ من حدِّ العلمِ متناولًا لعلمِ الجنسِ.

والحدُّ الجامعُ لهما أن نقولَ: العلمُ هو الدالُّ على معنى دلالةً يتضمَّنُ الإِشارة إليه على وجهِ الافرادِ والاستبدادِ. فقولُنا: الدّالُ على معنى ظاهِرٍ، وقولنا: دلالةٌ يتضمّنُ الإِشارَة إليه، لئَلَّا ينتقضَ الحدُّ بالمُنَكَّرِ من اسمِ الجنسِ، وهذا لأنَّ كلَّ واحدٍ من العَلمين يدلُّ على معنًى دلالةً يتضمن الإِشارةُ إليه. أمّا العلمُ الشَّخصيُّ فظاهرٌ، ألا تَرَى أنَّك إذا قُلتَ: جاءَني زيدٌ فكأنَّك قُلتَ جاءني ذلك الشَّخصُ المعين. وأما عَلَمُ الجنسِ فكذلك، لأنَّه مفسرٌ بما فيه الألفُ واللّامُ (١)، لتعريف الجسِ، وما فيه اللامُّ لتعريفِ الجنسِ كما يدلُّ على معنى هو الجنس يدلُّ على الإِشارةِ إليه أيضًا، وهذه الإِشارةُ هي المستفادةُ من اللامِ، ومتى دلّ التفسيرُ على معنى، دلّ مفسرُهُ على ذلِك المعنى أيضًا، وإلّا لم يكن تفسيرًا بخلافِ المنكر من اسمِ الجنسِ، فإنّه -وإن دلَّ على معنًى- لكن دلالةً تَتَضمّنُ الإِشارةُ إليه أيضًا، وقولنا عَلى وجهِ الافرادِ، لئلّا ينتقضَ الحدُّ بالمعرّفِ باللّامِ والإِضافةِ من الأجناسِ، فإنه -وإن دَلّ على معنًى وعلى الإِشارةِ-، لكن لا على سبيلِ الإِفرادِ، لأنَّ المعنَى المشارِ إليه ثمَّ يستفادُ من نفسِ الاسم، والإِشارةُ تستفادُ من اللّامِ أو الإِضافةِ. وقولنا: والاستبداد لئَلا ينتقضَ الحدُّ باسمِ الإِشارةِ، وذلك أنَّ اسمَ الإِشارةِ وإن دلَّ على معنى دلالةً تتضمّنُ الإِشارةَ إليه على وجهِ الإِفرادِ، لكن (٢) لا على وجهِ الاستبدادِ، وهذا لأنَّ اسمَ الإِشارةِ لا يجوزُ إطلاقُه إلا إذا كانَ المشارُ إليه موجودًا في الخارِج، أو مذكورًا سابقًا، بخلافِ العلمِ فإنه يجوزُ إطلاقُه وإن لم يكن أحدُ الأمرين موجودًا. فهذا هو الحدُّ الصالحُ للمذهبِ (٣).


(١) في (ب) فقط.
(٢) في (ب).
(٣) عقب الأندلسي على ما قاله الخوارزمي هنا في الجزء الأول من المحصل ورقة ١٧ وورقة ٢٣ من النسخة الثانية، فقال: هذا بحث حسن، ولكن لقائل أن يقول: لا نسلم أنّ العلم الجنسي =

<<  <  ج: ص:  >  >>