للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك دخولُ التنوين ها هنا فإن ثَقُلَ فقد خَفَّ (١). بخلافِ حالةِ النَّصب فإنَّه لا يَسقُطُ فيها اليّاء من حيثُ أنه لا يَلتَقِي فيها ساكِنان. فإِن سألتَ: دخولُ التّنوين ها هنا وإن كان مُوافقًا للأَصل من حَيثُ أنَّه به يَحصُلُ التَّخفيفُ، فهو مُخالِفٌ للأَصلِ من وَجةٍ آخرَ، من [حيثُ أنَّه به تَسقط الياءُ، وسقوطُ الياء خلافُ الأصلِ] (٢)؟ أجبتُ: دخولُ التنوين عليه وإن كانَ مخالفًا للأصلِ من الوجهِ الذي ذُكر به فهو موافقٌ للأصلِ من وجهٍ آخرَ، وذلك أنّ الاسمَ به يعودُ منصرفًا وذلك موافقٌ للأصلِ إذ الأصلُ في الأسماءِ هو الصرفُ.

قال النحويون: حضاجرُ بمعنى الضَّبعِ في التقدير جَمعُ حَضجَرٍ معناه سمي المفرد بالجَمع للمبالغةِ، يقالُ: وطبٌ حَضجَرٌ، وأَوطُبُ حُضاجر كما وُصف المُفرد بالجمعِ في قولِهِ (٣):

........ ومعًا جِياعَا

وكذلك سَراويل في التَّقدير جمعٌ كأنَّ كلَّ رِجْلٍ منها سِروَالة. والحقيقةُ ما ذكرتُه من أنَّ حُكمَ امتناعِ الصَّرفِ فيه مُدارٌ على هذا الوزنِ، قالوا الاسمُ إذا وُجدَ فيه التركيبُ لم ينصرف، والمرادُ به التركيبُ الذي لم يَتَضَمَن الشَّطرُ الثاني منه معنى الحَرفِ، وذلك نحو: حَضرموتُ وَبعلَبَكُّ، والعُجمةُ في الأعلامِ خاصةً من أسباب امتناعِ الصرفِ، والمعنى إذا لم تكنِ العُجمَةُ سابقةً لَلعَلميَّةِ، أمَّا إذا طرأتِ العَلَميَّةُ على العُجمةِ كما لو سمَّيتَ باللِّجامِ والفِرِندِ فهو منصرفٌ.

قالَ جارُ اللهِ: "إلَّا إِذا اضطُرَّ الشاعرُ فصرفَ".

قال المشرحُ: يجوزُ للشاعرِ أن يصرفَ غيرَ المنصرفِ في ضرورةِ


(١) في (ب) أخف.
(٢) ما بين القوسين مصحح على هامش (أ) إلا أنه لم يكن واضحًا في الصورة.
(٣) هذا جزء من بيت للقطامي، واسمه عمير بن شميم، والبيت كاملًا كما في ديوانه:
كأنّ نسوع رحلي حيث ضمّت … حوالب عرّز ومعا جياعا
وانظر اللسان: ١٥/ ٢٨٧ (معي) وخلق الإنسان لثابت: ٢٦٤، والمذكر والمؤنث للفراء: ٧٥، والمذكر والمؤنث لأبي بكر بن الأنباري: ٣٠١، والمخصص: ١٧/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>