للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللهِ: وضَربي زيدًا قائمًا، وأكثر شُربي السَّويقَ ملتُوتًا، وأَخطَبُ ما يكونُ الأميرُ قائمًا.

قالَ المُشَرِّحُ: قالوا حَذفُ خبرِ المبتدأ في هذه المسألةِ لِسَدِّ الحالِ مَسَدَّهُ تقديره ضَرِبي زيدًا إذا كانَ قائمًا، وكذلك ملتُوتًا في المسألةِ الثَّانِيَةِ، وكذلك قائمًا في المسألةِ الثَّالِثَةِ، وما ها هنا هي ما المُدّةِ، ومعناه: أَخطَبُ أوقاتِ الإِمامِ وقتَ كونه قائمًا وجَعَلَ الوَقتَ أخطَبَ للمبالَغَةِ كقولهم: نَهارُه صائمٌ، وليلُهَ قائمٌ.

قالَ جارُ اللهِ: وقولهم: كلُّ رَجُلٍ وضَيعَتَهُ.

قالَ المُشَرِّحُ: الضّيعةُ: هي الحِرفَةُ، لأنَّك إن تَعَهّدتَها ضِعتَ، وإن تَرَكْتَهَا ضَاعَتْ، خبرُ المبتدأِ ها هنا محذوفٌ لدلالةِ الواو عليه، وهذا لأنَّ


= المضارع، لا يفوته شيء خلا أنّ الفعل المضارع يتعرض للحدوث والصفة لا تتعرض له، فمتى ورد عليها الاستفهام صارت متعرضة … ثم قال: واعلم أنّ هذا المذهب الذي ذكره ليس له في الحقيقة محصول، وتقرر أن يكون له من الفساد غرر وحجول وبيانه من وجوه:
أمّا أولًا: فقوله: إنّ قائمًا ويقوم سواء من كل وجه لا يختلفان في شيء سوى أنّ الصّفة لا تتعرّض للحدوث، والفعل يتعرض له، وهذا فاسد، فإن بينهما بونًا بعيدًا، وبعدًا متفاوتًا، وكيف لا وقولنا: قائم فيه دلالة الإِسمية من كل الوجوه؟ وقولنا يقوم فيه دلالة الفعلية من كل الوجوه وكل واحد منهما مداير للآخر في أحكامه كلها ..
أمَّا ثانيًا: فلأنه لو كان الأمر كما زعم من اتفاقهما في كل شيء سوى ما ذكر، لكان يلزم ألّا يجوز قائمان الزيدان، كما لا يجوز يقومان الزيدان، فلما علمنا جواز ذلك دلّ على فساد ما قاله …
وأمّا ثالثًا: فلأن قوله في أنّ قائم اسم من وجه وفعل من وجه خطأ لا يصدر عن روية وفطانة. وبيانه هو أنّ قولنا أقائم اسم من جميع وجوهه وحاصلة له الإسمية في جميع أحكامه، لا يشارك الفعل في شيء سوى أحكامه العامة، ولا يجوز إطلاق اسم الخاص باعتبار الحكم العام …
ثم قال: والعجب أنّه مع إيراده لهذا المذهب الركيك، يزدري كلام النحاة، ويستهجن أقوالهم، ويزعم أنه قد أتى فيه بالعجب العجاب، ولباب الألباب، وهو -كما ترى- مخالف للقواعد النحوية، لم يقم عليه برهان، ولا أيّده بحجّة ولا سلطان، وظهر بما حقّقناه ها هنا ضعف كلام الخوارزمي في هذه الصورة والمختار عندنا ما قررناه آنفًا من أنّ قائمًا هو الخبر والزيدان مبتدأ …

<<  <  ج: ص:  >  >>