للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا، ألا تَرى أنَّ قولَك أقائمٌ الزيدان معناه: أقائمٌ الزيدان أم غيرُ قائمين، وفيه إيماءٌ إلى أنَّ القيامَ مما يَحدُثُ ويَتَجَدَّدُ، فيصيرُ القائمُ أيضًا ها هنا من قبيلِ ما يَحدُثُ ويَتَجَدَّدُ، لأنَّ الاستفهامَ متى وَرَدَ على الصِّفةِ أثارَ فيها معنى الفِعل وميَّزَه وأفرَزَه عن بقيةِ معاني الصّفةِ، إذ المقصودُ بذلِك الاستفهامُ وهو المصدرُ، فإذا حَصَلَ معرفة المصدر تَبِعه أيضًا في المعرفةِ بَقِيّةِ معاني الصّفَةِ، ألا تَرى أنَّه إذا عُرِفَ قِيامُ زَيدٍ تَبِعَهُ معرفةُ كونِهِ قائمًا.

أحِنُّ إلى نَجْدٍ وشَوقِي إليكُمُ … بَني عامِرٍ معنى حَنِيني إلى نَجْدِ

وإذَا أَثارَ فِيها معنَى المَصْدَرِ فقد أَثَارَ فيها مَعنى الحُدُوثِ، لأنَّ المَصْدَرَ حادثٌ، ولذلك يُسمَّى بالحَدَث والحَدَثان، فَعُلِمَ أنَّ الصّفَةَ متى وَرَدَ عليها الاستفهامُ فَقَد نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الفِعلِ المُضَارِعِ فَتَكُونُ رَفْعَتُهُ كَرَفْعَتِهِ، ونظيرُها الرّفعةُ في قولهم: الضَّارِبُ أباهُ زيدٌ لأنَّهم قد اتّفَقُوا على أنَّ اللَّامَ ها هنا إسمُ موصولٍ، وهي في مَحَلّ الرفعِ بالابتداءِ وزيدُ خَبَرُهُ، وأمَّا رَفعَةُ ضَاربٍ فكرفعةِ المُضارِعِ. فإن سَألتَ: ما الدليلُ على أَنَّه لا يُمكنُ (١) تقديرُ الخبرِ فيه، والدَّليلُ على أنَّه يمكنُ أن يكون المعنى، أقائمٌ الزَّيدان في الدارِ أو ها هُنا أو في المسجدِ؟ أجبتُ: ذاك شيءٌ لا دلالةَ عليه فلا يُقَدّرُ، ولئن (٢) سَلّمنا أنَّ عليه دلالةً لكنَّه ليس بالخبرِ، إنَّما هو فَضلَةٌ في الكلامِ، كما إذا قُلتَ: أيقومُ الزّيدان في المسجدِ فإن سألتَ: فإذا كانَ فعلًا فما هذا التّنوين؟ أجبتُ: إنَّه اسمٌ من وجهٍ فعلٌ من وجهٍ، أمَّا أنّه فعلٌ من وجهٍ فلأنَّه يَتَعَرّضُ للحدوثِ والتَّجَدُّدِ ورفعتُه كرفعةِ المضارعِ، وأمَّا أنَّه اسمٌ من وجهٍ فلأنَّه وإن كانَ يَتَعَرَّضُ للحدوثِ والتَّجَدُّدِ ولكنْ لا من حيثُ صِيغَتُهُ (٣).


(١) في (ب) لا يجوز.
(٢) في (ب) وإن.
(٣) ردّ العلوي في شرحه: ١/ ٦٥، ٦٦ على الخوارزمي فقال: المذهب الثاني: وهو المحكي عن الخوارزمي وحاصل كلامه هو أن قولنا أقائم الزيدان صفة، وهي قريبة من معنى الفعل =

<<  <  ج: ص:  >  >>