للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعدَ عطائِك المائَةَ الرِّتاعَا

القِلقِلِ: بالقاف المكسوة حبٌّ آخر سوى الفُلفُل بالفاء المضمومة (١).

قالَ جارُ الله: "ومنه ما يكون توكيدًا إمّا لِغَيره كقولِكَ: هذا عبدُ الله حَقًّا، والحقُّ لا الباطلُ، وهذا زيدٌ غيرَ ما تقول، وهذا القولُ لا قولَك، وأَجِدّك لا تفعلُ كذا. أو لنَفسه: كقولك: لَه عليَّ ألفُ دِرهمٍ عُرفًا".

قالَ المشرّحُ: الضميرُ في "ومنه" راجعٌ إلى المقدَّرِ الذي لا يستعملُ إظهارُ فعلِه. المعنِيُّ بالمصدَرِ المؤكِّدِ لغيرِهِ، هو الذي لا يُفيدُ الجملةَ السابِقَةَ، لا لفظًا، ولا عقلًا، كقولك: هذا عبدُ الله حقًّا، فإنَّ حقًّا تفيدُ معنًى لا تُفيده الجُملةُ السَّابقةُ وهي قولك: هذا عبدُ الله لا تفيدُ معنى حَقًا، لا لفظًا، ولا عَقلًا، لأنَّه يلزمُ من هذا قولك: هذا عبدُ الله أن يكونَ ذلك في العقلِ حقًا، والمعنى: أقول هذا القوِلَ، وهو ما تضمَّنه هذا عبد الله حَقًا.

وكذلك: هذا زيدٌ غيرَ ما تقول، لأنَّ مُغايرةَ قولي قولَك لا تَدُلُّ عليه (٢) الجُملةُ السّالفةُ (٣) لا لفظًا ولا عقلًا، أمَّا لَفظًا فظاهرٌ، لأنَّه ليس في قولك: هذا زيدٌ ما يدلُّ على المغايرةَ فَضلًا عن أن يُدلَّ على مغايَرَةِ قولي قولَك.

وأمَّا عَقلًا فكذلك، ألا ترى أنّك إذا قلتَ: هذا زيدٌ فليس في عقولِنا أنَّ هذا القولَ غيرُ ما تقولُ. وأمَّا قولُهُم: هذا القولُ لا قولَك، فالجُملةُ السالفةُ (٤) -وإن كانت تَدلَّ على معنى القولِ- لكن لا تَدُلُّ على معنى قولك: (لا قولك) وكذا ليس في العَقلِ أنَّ ما دلت عليه الجُملةُ السَّالفة من معنى: هذا القولُ


= ديوانه: ٣٧، والحجة لأبي علي الفارسيّ: ١/ ١٣٥، والخصائص لابن جنى ٢/ ٢٢١، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ١٤٢، وتذكرة النحاة لأبي حيان: ٢/ ٣٥٢.
(١) تهذيب اللغة للأزهري: ٩/ ٢٩٠. وقال الزّمخشري في حاشية المفصّل: ٩٦، يروى بالقاف ولم يرتضه أبو الهيثم، وقال: حبّ القلقل من يدقه؟!
(٢) في (أ) لا يدل على.
(٣) في (ب) السابقة.
(٤) في (ب) السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>