للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلبِ مُعملًا بالإِضافةِ إلى أَحَدِ مفعوليه، غيرَ معملٍ بالإِضافةِ إلى المفعولِ الثَّاني، وذلك بالإِجماعِ لا يجوزُ إنّما حُكمُ أَفعالِ القلوبِ أن تُعمِلَها بالإِضافةِ إلى كلا المفعولَين، أو تُلغيَها. الثاني: أنّ أفعالَ القلوبِ ما دامت مقدمةً على مفعولها فإنّه لا يجوزُ إلغاؤها. فإن سألتَ: فكيفَ ساغَ انصرافُ الضميرِ إلى الظَنِّ مع أنّه غيرُ مذكورٍ؟ أجبتُ: ما الدليلُ على أنّه غيرُ مذكورٍ؟ هذا لأنَّ الظنَّ وإن لم يُذكر مُطابقةً فقد ذُكر ضِمنًا، بدليلِ [أنَّ ظنّه، دَالٌّ عليه ضِمنًا] (١) ويشهدُ له (٢):

ولا تَنصَحَن إلَّا لمن هو قَابِلُه

وتقولُ: ضربتُه عبد اللَّه وتضمر الضرّب، بمعنى ضربتُ الضّربَ، فإن سألتَ: فكيفَ كان معنى هذا الضّمير أظنُّ ظَنّي، ولم يكن أظنُّ ظنًّا؟ أَجَبتُ: لأنَّ هذا الضَّميرَ مَعرِفَةٌ، ومن شَأنهِ أن يفَّسرَ أيضًا بما هو معرفةٌ.

قالَ جارُ اللَّهِ: ومما جاءَ في الدّعوةِ المرفوعةِ: "واجعله الوارثَ مِنَّا" يُحتَمَلُ عندي أن يَتَوَجَّهَ على هذا.

قالَ المشرّحُ: أول (٣) الدّعوةِ: "اللهم مَتّعنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقُواتِنا، ما أَحيَيتَنَا، واجعله الوارِثَ مِنّا" الضميرُ المنصوبُ (٤) في "اجعله" فيه وَجهان:


(١) في (ب) فقط.
(٢) هذا عجز بيت لعبيد بن أيّوب العنبري شاعر أموي عاش أكثر حياته في الصحارى والقفار وهو من لصوص العرب. أهدر السلطان دمه بسبب جناية جناها ..
أخباره في الشعر والشعراء: ٢/ ٦٦٨، واللآلي للبكري: ٣٨٤. جمع شعره الدكتور نوري حمّودي القيسي، ونشره في المورد .. ثم أودعه في كتاب سماه: (شعراء أمويون) القسم الأول من ص ١٩٣ - ٢٣٨.
وصدر البيت:
فلا تعترض في الأمر تكفي شؤونه
من قصيدة في أربعة وثلاثين بيتًا، هي من أجود شعره.
(٣) نقل الأندلسي شرح هذه الفقرة كله في شرحه: ١/ ١٧٧.
(٤) في (أ) المرفوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>