للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائِرِ تَوابعِ المنادى المُفردِ إلَّا الضَّمُّ، لأنَّ حكمَهَا حكمُ المنادى بعينِه، لأنَّهما متهيِئآن لدخولِ حرفِ النداءِ عليهما، بخلافِ يا زيدُ الطّويلُ، فإنَّ اشتمالَ الصّفةِ على اللّامِ مما يدفعُ تهيُّئِهِ لدخولِ حرفِ النّداءِ عليه، وكذلك: يا تميمُ أجمعون، فإنَّ كونَه تأكيدًا مما يدفعُ تهيّئه لدخولِ حرفِ النّداءِ عليه، وكذلك: يا غلامُ بشرٌ، فإنّ كونَه عطفَ بيانٍ يدفعُ (١) تهيّئه. كذلك: يا عمرُو والحارثُ، فإنّ اشتمالَ المعطوفِ على اللّامِ كاشتمالِ الصّفةِ عليها يدفعُ تهيّئَه. فإن سألتَ: ذكروا في بابِ التّوكيدِ أنَّ قوَلَكَ: رأيتَ زَيدًا زيدًا تأكيدٌ، وها هنا قد حكمت بأنَّ قولَكَ: يا زيدُ زيدٌ بدلٌ فما وجهُ الفرقِ بينهما؟.

أجبتُ (٢): بأنَّ قولك: رأيتُ زيدًا زيدًا إخبارٌ، والإِخبارُ مما يَجري فيه التَّجوُّزُ والتَّساهلُ فجازَ أن يَجري فيه التّكرارُ، وذلك هو التأكيدُ، إذ التأكيدُ ليس إلا تكرارًا دافعًا لوهم التَّساهُلِ، بخلافِ النّداءِ، فإنه لا يَجرى فيه التّساهلُ لأنّه لا بُدَّ من أن تكونَ المصلحةُ تتعلقُ بعينِ المنادى، وهي تَرجعُ إلى المنادى فلا يَجري فيه التّساهلُ، إذ الإِنسان لا يتساهَلُ في مصلحةِ نفسِه، فهو - وإن كانَ تَكرارًا، إلّا أنّه لا يدفَعُ وهمَ التَّساهُلِ إذ لا تَساهُلَ فيه.

قالَ جارُ اللهِ: "وإذا أُضيفَت فالنّصبُ كقولك يا زيدُ ذا الجُمَّةِ، وقوله (٣):


(١) في (أ) يمنع.
(٢) أورد العلوي في شرحه: ١/ ١٠٣ نصّ المؤلف هنا وعقب عليه بقوله: وهذا فاسد لأمرين، أمّا أولًا: فلأنّ قوله إنّ التأكيد من حقه أن يكون واقعًا في الإِخبار خطأ فإن الغرض بالتأكيد إنما هو تحقيق الشيء وتمكينه من النفس … وأمّا ثانيًا: فلأن التأكيد نفسه يصحّ دخوله ووقوعه في البدل على الخصوص … ثم قال: فعرفت بما حققناه أنّ المثال كما هو محتمل للبدل فهو محتمل للتأكيد أيضًا، ومن حق مثال المسألة ألا يكون مثالًا لغيرها فبطل ما قاله، فإنّ الصواب في المسألة ما قاله النّحاة.
(٣) لم أعرف قائله. انظر توجيه إعرابه وشرحه في المنخّل: ٢٨، والخوارزمي: ١٣، وزين

<<  <  ج: ص:  >  >>