للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَزيدُ أخا وَرقاء …

ويا خالدُ نفسَه، ويا تميمُ كُلّكُم، أو كُلَّهم، ويا بشرُ صاحبَ عمرٍو، ويا غلامُ أبا عبد اللهِ ويا زيدُ وعبدَ الله".

قالَ المشرّحُ: توابعُ (١) المنادى المفردِ المعرفةِ إذا كانت مضافةً فليس فيها إلّا النّصبُ وذلك لأنّها مستهدفةٌ لدخولِ حرفِ النّداء عَليها، بخلافِ يا زيدُ الحسنُ الوجه، حيثُ يجوزُ فيه الأمران، وذلك، لأنّ اشتمالَ الصفة على اللّامِ يمنعُ استهدافَها. "ذا الجُمَّة": صفةٌ مضافةٌ، وكذلك: "أَخا وَرقاء". "نَفسه" تأكيدُ مضافٍ، وكذلك: "كُلَّكم"، و"كُلُّهم"، وإنّما جازَ الخِطَابُ في تميم كلّكم وكلّهم، لأنَّ الأسماءَ المظهرةَ كلّها غيبٌ (٢) فإن سألتَ: كيفَ لم يُبنَ المضافُ لأنّه جَرى مَجرى المُضمر، بدليلِ أنّه قد جُرَّ إليه الخِطابُ؟ أجبتُ: لأنَّ المضافَ إليه بمنزلةِ التَّنوينِ، ومع كونِ الاسمِ مُنونًا يَستَحِيلُ البِناءُ. فإن سألتَ: لم بُنِيَ (٣) على الحركةِ؟ أجبتُ: النِّداءُ مما لا يُقتَصَرُ عليه، إذ النداءُ لا بُدَّ أن يكونَ المصلحةُ تَتبَعُهُ، كما لو قلتَ: يا غلامُ خُذ كَذا، ويا زيدُ اسقني، فالنّداءُ ها هُنا لمصلَحَتي الأمرِ بالأخذِ والسَّقِي، فلو بُنِيَ على السُّكون لأوهَمَ الوَقفُ الإِعراضَ عن النداءِ فإن سألتَ: لم بُنِيَ على (٣) الضَمِّ؟ أجبتُ: لأنَّه لا يُمكن بناؤُه على الفَتحِ، ولا على الكَسرِ، فَتَعَيَّن الضَّمُّ، أما امتناعُ الفتحِ، فلأنَّ المنادى قد كانَ له هذه الحركةُ من قبلِ الإِعرابِ، فلو بَنَيت على الفَتحِ لأوهَمَ الحركةَ الإِعرابيّةُ، وحينئذٍ يَختَلُ الغَرَضُ المطلوبُ بالبناءِ، وأمَّا على الكسرِ فلأنّه لو بُنِيَ عليه لأوهَمَ ذلك بأنَّ الاسمَ مضافٌ إلى ياء المتكلم، وأنَّه قد اجتُزِئ عن الياءِ بالكسرةِ، وإذا


العرب: ١٢، وشرح الأندلسي: ١/ ١٩٠، وابن يعيش: ٢/ ٤ وهو من شواهد كتاب سيبويه: ١/ ٣٠٣، انظر شرح أبي سعيد السّيرافي: ٣/ ٣٢، والنكت للأعلم الشنتمري: ١٩٤.
(١) النص في شرح الأندلسي: ١/ ١٨٩، ١٩٠.
(٢) الغرة لابن الدهان: ٢/ ٣٠.
(٣) الإِجابة عن هذه التساؤلات بتوسع أكثر في الغرة لابن الدّهان: ٢/ ٢٦، ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>