للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينادى نداءَ تعريفٍ [فـ]ـلأنّ نداءَ التعريفِ إنّما يكونُ حيثُ يكونُ الاسمُ قبلَ النداءِ منكرًا فيستفيدُ بالنداءِ، مع الضَّمِ التعريفَ، والمعرّفُ باللّامِ على ما ذكرنا لا يقبلُ التنكيرَ. فإن سألتَ: أليسَ العلمُ معرفًا غيرَ منكرٍ قبل النداءِ، ومع ذلك يجوزُ نداؤُه أجبتُ: المعنِيُّ بكونه قبلَ النداءِ منكرًا كونه قابلًا للتنكيرِ، والعلمُ كذلك بخلافِ المعرّفِ باللّامِ، وأما أنَّ اسمَ الإِشارةِ مستكرةٌ نداؤُه، فلأنَّ الأسماءَ على ثلاثةِ أنواعٍ، مظهرٌ ومضمرٌ وما هو بينَ بينَ، وهو اسمُ الإِشارةِ، والفرقُ بين المضمرِ وبين (١) اسمِ الإِشارةِ، أنَّ المضمَر للقريبِ جدًا، ولذلك قالوا: الضمائرَ أعرفُ المعارفِ، لأنَّها بمنزلةِ وضعِ اليدِ بخلافِ اسمِ الإِشارةِ فإنَّه لما هو أبعدُ منه، وأمَّا المظهرُ فسائغٌ نداؤه، وأمّا المضمرُ فبالإِجماعِ لا يجوزُ نداؤه، لأنّه لو نُودي لا يخلُو من أن يكونَ هو الغائبُ أو المخاطبُ، فلئن (٢) كان هو الغائبُ فلا يخلو من أن ينادى نداءَ غيبةٍ، أو نداءَ خطابٍ، لا وجهَ إلى أن ينادى نداءَ غيبةٍ، لأنَّ المنادى نداءَ غيبةٍ نكرةٌ، والضَّميرُ مما لا سبيلَ إلى تنكيره، ولا وجهَ إلى أن يُنادى نداءَ خطابٍ، لأنَّ ضميرَ الغائبِ من مُسَمَّياتِ الغيبةِ، فلا يمكنُ تحويلُه مُخاطبًا. وإن كانَ هو المخاطبُ لا يخلو من أن ينادى نداءَ غيبةٍ، أو نداءَ خطابٍ، لا وجهَ لأن ينادي نداءَ غيبةٍ، لأنَّ الضميرَ المخاطبَ من مسمَّاه فلا يجوزُ تحويلُه غائبًا، ولا وجهَ لأن يُنادى نداءَ خطابٍ، إذ نداءُ الخطابِ إنّما يكونُ حيثُ يكونُ الاسمُ قبلَ النداءِ مُنَكَّرًا غيرَ مخاطبٍ فيستفيدُ النّداءَ مع ضَمَّةِ (٣) التَّعريفِ والخِطَابِ، وقبلُ النِّداءِ ها هُنا كلا الأَمرين مَفقودٌ. أمَّا اسمُ الإِشارةِ فمستكرَهٌ نِداؤُه، لأنَّه من حَيثُ إنَّ أحدَ طَرَفيه إلى المُظَهرِ جازَ نِدَاؤُهُ، ومن حَيثُ إنَّ طرفَه الثاني إلى المضمَرِ استُكرِهَ نداؤه مع الكراهية عملًا بكلا الشَّبَهين، ولأنَّ الإِشارةَ تقعُ في مقابلةِ المضمرِ، وهذا لأنَّ الإِشارةَ لا تكونُ


(١) في (ب).
(٢) في (ب) فإنّ.
(٣) في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>