للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا تَرى أنه لا يَستَقِيمُ عطفُ الرَّحلِ على العنسِ، إذ لا يُقالُ ضَمُرَ رَحلُه، وهذا عندَ سيبويه على طريقةَ قولهم (١):

عَلَفتُها تِبنًا ومَاءً بارِدا

يعني ولَيالي الرَّحل (٢) الحلسُ للبعير كالمسح للرّاهب، ويُحتملُ أن يكونَ اشتقاقُ المَسِيحِ منه. وعَبِيدُ: بفتحِ العين. المُخَوّفُنا: بالرَّفعِ، وهو بمنزلةِ الضّامرِ العنسِ، وتمامُه (٣):

حِجرٌ تَمَنّي صاحبُ الأَحلامِ

تَمَنِّي: منصوب على المصدَرِ، والعاملُ فيه ما في (المخوفنا بِمقتَلِ شَيخِهِ) من معنى التَّمني. المعني بالمنادى في هذا البيت هو امرؤُ القيس الشاعرُ، وعني بشيخِهِ والده حُجرًا وكانت بنو أسدٍ قد قَتَلَتْهُ، يقولُ: يا من توعَّدنا ليقتُلنا بقتلنا شَيخَه وَعِيدًا لا يصلُ إليه، ولا يقدِرُ عليه، إنما هو من قَبيل الهَذَيَانِ يَجرِي في أثناءِ الكلامِ كما يَرى النائمُ في أضغاثِ الأحلامِ في المنامِ.

قَالَ جارُ الله: "وتقولُ في غيرِ الصّفةِ يا هذا زيدٌ وزيدًا، ويا هذان زيدٌ وعمروٌ وزيدًا وعمرًا".

قالَ المشرّحُ: إعرابُ الثاني ها هنا على عَطفِ البيان. فإن سألتَ: لِمَ لا يجوزُ أن يكونَ على البدلِ؟ أجبتُ: لو كان إعرابُه على البَدَلِ لامتَنَع فيه


(١) عجز هذا البيت:
حتى غدت همالة عيناها
انظره في الخصائص لابن جني: ٢/ ٤٣١، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ٣٢١، والإنصاف لابن الأنباري: ٦١٣، وشرح ابن يعيش: ٢/ ٨، والمنخل: ٣٠، وشرح الأندلسي: ١/ ١٩٤. نسب إلى ذي الرّمة غيلان بن عقبة، وقال البغدادي في الخزانة: ١/ ٤٩٩ فتشت ديوانه فلم أجده فيه.
(٢) صححت هذه الكلمة في هامش نسخة (أ) ولم تظهر في الصورة.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>